190

Tafsir

تفسير الهواري

Genre-genre

152

قوله : { ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه } أي إذ تقتلونهم بإذنه في تفسير الحسن ومجاهد وغيره . { حتى إذا فشلتم } . قال بعضهم : جبنتم { وتنازعتم } أي اختلفتم { في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون } .

ذلك يوم أحد؛ عهد إليهم نبي الله عهدا ، وأمرهم بأمر ، فنسوا العهد . يعني قول النبي لهم : فإن هزمتموهم فلا تتبعوا المدبرين .

وقال بعضهم : خالفوا إلى غير ما أمرهم به فصرف عنهم عدوهم بعد ما أراهم ما يحبون فيهم .

وقال مجاهد : نصر الله المؤمنين يومئذ على عدوهم من المشركين حتى ركب نساء المشركين على كل صعب وذلول ، بادية سوقهن ، ثم أديل عليهم المشركون بمعصيتهم النبي حتى خطبهم على بغلته الشهباء وقال : رب اكفنيهم بما شئت .

قوله : { حتى إذا فشلتم } . . . الآية . قال الحسن : قال رسول الله A : « رأيت البارحة كأن علي درعا حصينة فأولتها المدينة ، فاكمنوا للمشركين في أزقتها حتى يدخلوا عليكم في أزقتها فتقتلوهم » فأبت الأنصار من ذلك فقالوا : يا رسول الله ، منعنا مدينتنا من تبع والجنود ، فنخلي بين هؤلاء المشركين وبينها يدخلونها . فلبس رسول الله A سلاحه . فلما خرجوا من عنده أقبل بعضهم على بعض فقالوا : ما صنعنا؟ أشار علينا رسول الله A فرددنا رأيه . فأتوه فقالوا : يا رسول الله ، نحن نكمن لهم في أزقتها حتى يدخلوها فنقتلهم فيها؛ فقال : « إنه ليس لنبي لبس لامته ، أي سلاحه ، أن يضعها حتى يقاتل » قال : فبات رسول الله دونهم بليلة ، فرأى رؤيا ، فأصبح فقال : « إني رأيت البارحة كأن بقرا منحرا ، فقلت بقر والله خير؛ وإنها كائنة فيكم مصيبة ، وإنكم ستلقونهم غدا وتهزمونهم ، فإذا هزمتموهم فلا تتبعوا المدبرين » ففعلوا؛ فلقوهم فهزموهم كما قال رسول الله A . فاتبعوهم على وجهين؛ أما بعضهم فقالوا : مشركون وقد أمكننا الله من أدبارهم فنقتلهم ، فقتلوهم على وجه الحسبة . وأما بعضهم فقتلوهم لطلب الغنيمة . فرجع المشركون عليهم فهزموهم حتى صعدوا أحدا . وهي قوله : { ولقد صدقكم الله وعده } لقول رسول الله A : « إنكم ستلقونهم فتهزمونهم فلا تتبعوا المدبرين » .

قال : حتى إذا فشلتم أي : ضعفتم في أمر رسول الله ، وتنازعتم أي : اختلفتم فصرتم فريقين تقاتلونهم على وجهين ، وعصيتم الرسول من بعد ما أراكم ما تحبون من النصر على عدوكم .

قال : { منكم من يريد الدنيا } قد فسرناه قبل هذا ونرجع فيه؛ يقول : من يريد الدنيا فهي الغنيمة . { ومنكم من يريد الآخرة } الجنة والثواب { ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم } إذ لم يستأصلكم { والله ذو فضل على المؤمنين إذ تصعدون } الجبل .

Halaman 190