88

Tafsir Ibn Badis

تفسير ابن باديس ((في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)).

Penyiasat

علق عليه وخرج آياته وأحاديثه أحمد شمس الدين.

Penerbit

دار الكتب العلمية بيروت

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٦هـ - ١٩٩٥م.

Lokasi Penerbit

لبنان.

Genre-genre

وقد حمى الشرع الشريف العباد من هذه الفاحشة بما فرض من الحجاب الشرعي، وهو ستر الحرة ما عدا وجهها وكفيها وجميع ثيابها عند الخروج بالتجلبب، وبما حرم من تطيب المرأة، وقعقعة حليها عند الخروج، وخلوتها بالأجنبي، واختلاط النساء بالرجال. فتضافر النهي والتشريع على إبعاد الخلق عن هذه الرذيلة. والمسلم المسلم، من تحرى مقتضى هذا النهي، وهذا التشريع في الترك والابتعاد. معالجة هذه الرذيلة بتقبيحها وسوء عاقبتها: بيَّن تعالى قبحها بقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾ والفاحشة هي الرذيلة التي تجاوزت الحد في القبح وعظم قبح الزنا مركوز في العقول من أصل الفطرة كان ولم يزل كذلك معروفًا. ومن رحمة الله تعالى بخلقه أن ركز في فطرهم إدراك أصول القبائح والمحاسن، ليسهل انقيادهم للشرع عندما تدعوهم الرسل إلى فعل المحاسن وترك القبائح، وتأتيهم بما هو معروف في الحسن أو القبح لهم؛ فتبين لهم حكم الله فيه، وما لهم من الثواب أو العقاب عليه. وبين تعالى سوء عاقبة الزنا بقوله: ﴿وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ أي بئس طريقًا طريقه، طريق مؤد إلى شرور ومفاسد كثيرة في الدنيا، وعذاب عظيم في الأخرى: فهو طريق إلى هلاك الأبدان، وفساد الأعراض، وضياع الأموال، وخراب البيوت، وانقطاع الأنساب، وفساد المجتمع وانقراضه. زيادة على ما فيه من معنى القتل للنفوس الذي تقدم في صدر الكلام. فعلى المؤمن إذا وسوس له الشيطان بهذه الرذيلة أن يتعوذ بالله منه، ويستحضر قبحها والمفاسد التي تجر إليها، والإثم الكبير الذي يعقبها، وقبل ذلك كله حرمة النهي الشرعي عنها، فيكون ذلك له- بإذن الله- وقاية منها. عدم العدوان: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾. جاء أسلوب هذه الآيات تدرجًا من الخاص إلى العام: فقتل الأولاد قتل للنفس التي حرم الله، والزنا كالقتل للنفس كما قدمناه، وجيء هنا بالنهي الصريح عن قتل النفس، وأكد مقتضى النهي بوصف النفس بقوله: ﴿الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾. (والتحريم) هو المنع، فحرم الله معناه منع الله، والتقدير: حرم الله قتلها، فحذف لدلالة "لا تقتلوا" عليه. فالمنهي عنه هو القتل، والمحرم هو القتل، فتأكد المنع بالنهي والتحريم.

=و٢١. وأبوداود في النكاح باب٤٣. وأحمد في المسند (٢/ ٢٧٦، ٣١٧، ٣٢٩، ٣٤٣، ٣٤٤، ٣٤٩، ٣٧٢، ٣٧٩، ٤١١، ٤٣١، ٥٣٥، ٥٣٦).

1 / 92