Tafsir Sadra al-Muta'allihin

Sadr Din Shirazi d. 1050 AH
63

Tafsir Sadra al-Muta'allihin

تفسير صدر المتألهين

Genre-genre

" في أمر مفروغ منه وفي أمر مستأنف ".

فإن قلت: لماذا وقع هذا التفاضل والتخالف في أصل الفطر والغرائز ولم تتساو في الشرف والخسة؟ فما بالنا كنا مختلفين في الجواهر بحسب الصفاء والكدورة، ولم نتشاكل في السعادة ولا نتعادل، فصار السعيد مبرورا والشقي محروما؟ وما سبب التفاوت في هذه القسمة من خزانة الغيب، الزيادة والنقصان في النصيب من الرحمة الإلهية؟ وما هذا الحيف والجور لنا؟ وأين عدل الله فينا وكلنا عبيده والمحتاجون إلى قسمته ورزقه وقد قال الله:

ومآ أنا بظلام للعبيد

[ق:29].

فنجيبك: يا أخا الطريقة بعد ما زالت عنك الدهشة، وآب إليك القرار، ورجعت السكينة والوقار، فلست أول من زل في هذا المقام، واستنفر من هذا الكلام، ثم رجع وتاب وآمن وأناب، بمثل ما قال الشاعر:

هون على بصري ما شق منظره

فإنما يقظات العين كالحلم

أما كون الشريف شريفا والخسيس خسيسا، فليس بجعل جاعل وتأثير مؤثر. وأما السؤال بأنه لم خلق الله الشيء الخسيس في العالم، ولم يجعل الايجاد مقصورا على الأشرف؟ فجوابك؛ بأنه لو اقتصر على الممكن الأشرف في الايجاد، لبقيت كل الموجودات طبقة واحدة، بل انحصرت في العقل الأول، ولبقيت المراتب الباقية في كتم العدم مع إمكان وجودها، فكان حيفا عليها وجورا، لا عدلا وقسطا.

فالعناية الإلهية تقتضي نظم الوجود على أحسن ما يمكن، فلو أمكن أحسن مما هو عليه الآن، لوجد من جود الواهب المنان، ولو تساوت الموجودات في الشرف والكمال والنقص والتمام، لفات الحسن في ترتيب النظام، وارتفع الصلاح، ولو لم توجد النفوس الشقية والطبايع الغليظة لكان لا تتمشى أمورهم ولا تتهيأ مصالحهم، وبقي الاحتياج إليها في العالم مع فقدها.

كما لو كان البصل زعفرانا، والدفلى أقحوانا، أو لم يوجد البصل والدفلى أصلا لحرمت الناس من منافعها، وتضرروا في فقدها مع إمكان وجودها.

Halaman tidak diketahui