133

Tafsir Sadra al-Muta'allihin

تفسير صدر المتألهين

Genre-genre

ومنها: أن الأفعال التي كلفنا بها قسمان، منها ما يعرف وجه الحكمة فيها كالصلاة والصيام والزكاة.

ومنها ما لا يعرف وجه الحكمة فيها كأفعال الحج، فكما يحسن من الله الأمر بالنوع الأول، فكذا يحسن منه الأمر بالنوع الثاني، لأن الطاعة فيه تدل على كمال الانقياد ونهاية التسليم، لأنه لما لم يعرف فيه وجه مصلحة، لم يكن إتيانه إلا لمحض الانقياد والتسليم، وإذا كان الأمر كذلك في الأفعال، فلم لا يجوز أيضا أن يكون الأمر كذلك في الأقوال، وهو أن الله يأمرنا تارة بأن نتكلم بما نقف على معناه، وتارة بما لا نقف على معناه، ويكون المقصود من ذلك ظهور الانقياد والتسليم من المأمور للآمر.

أقول: وهذا أيضا ساقط، لأن كون الغاية في التكليف بالأعمال، التسليم والانقياد، وإن كان مسلما، لكن كون الغاية في العلوم كذلك، غير مسلم كما حقق في مقامه.

وبالجملة، المقصود من العلوم والمعارف ، تنوير القلب بأنوار الحقائق الإلهية، ومن الأعمال والأفعال، تطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة لئلا تزاحمها القوى الشهوية والغضبية وغيرها في السلوك إلى الله.

وأعجب من ذلك قولهم: بل فيه فائدة أخرى، وهو أن الإنسان إذا وقع على المعنى وأحاط به، سقط وقعه عن القلب، وإذا لم يقف على المقصود مع القطع بأن المتكلم بذلك أحكم الحاكمين، فإنه يبقى ملتفتا إليه أبدا ومتفكرا فيه دائما، ولباب التكليف اشتغال السر بذكر الله والتفكر في كلامه.

أقول: ما أشبه هذا بكلام العوام والجهال، فإن التفكر ليس من الغايات المتأصلة، ليكون بقاء الإنسان في التردد الفكري أبدا سرمدا سعادة، على أن فيه تعبا ومشقة في الحال، وإنما الفائدة فيه انتقال الذهن الى ما هو المطلوب الأصلي، وهو الابتهاج بإدارك الحضرة الإلهية، والاستسعاد بالأنوار الملكوتية.

القول الثاني: قول من زعم أن المراد من هذه الفواتح معلوم، وهم اختلفوا وفسروها على وجوه متخالفة.

أحدها: إنها أسماء السور عن الحسن وزيد بن أسلم، وهو قول أكثر المتكلمين.

الثاني: إنها أسماء الله، روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان يقول يا كهيعص يا حمعسق.

الثالث: إنها أسماء القرآن.

Halaman tidak diketahui