، وتلا هذه الآية: { فلما نسوا ما ذكروا به }.
[6.46-52]
{ قل } يا محمد { أرأيتم } قد علمتم { إذ أخذ الله سمعكم وأبصاركم } أي ذهب بها فصرتم عميا { وختم على قلوبكم } أي طبع عليها وسلب عنها التمييز والعقل، وقيل: أراد الأمانة { من إله غير الله يأتيكم به } أي بذلك المقدم ذكره من الحواس { أنظر } يا محمد { كيف نصرف الآيات } نبينها { ثم هم يصدفون } أي هؤلاء الكفار يعرضون { قل } يا محمد { أرأيتم } أعلمتم { ان أتاكم عذاب الله } أي عذبكم بعد اعذاره إليكم وإرساله الرسل { بغتة } فجأة { أو جهرة } علانية { هل يهلك } بالعذاب { إلا القوم الظالمون } ، قوله تعالى: { وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح } بأن يعمل صالحا في الدنيا بأن يأتي بالواجبات ويجتنب الكبائر { فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } في الآخرة { والذين كذبوا بآياتنا } قيل: بالقرآن، وقيل بالنبي ومعجزاته { يمسهم } يصيبهم { العذاب } الآية { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله } يعني: رزق الله { ولا أعلم الغيب } ما خفي على الناس، قيل: إن أهل مكة قالوا: يا محمد هل أنزل عليك كنز أو جعل لك جنة؟ فنزلت الآية، وقيل: لما قالوا لولا انزل عليه آية من ربه نزلت الآية منها أنه عبد ليس الله شيء من ذلك إنما هو إلى الله تعالى { ولا أقول لكم إني ملك } فتنكرون قولي { إن اتبع إلا ما يوحى إلي } وذلك غير منكر ولا مستحيل في العقل مع قيام الدلائل والحجج البالغة { قل هل يستوي الأعمى والبصير } مثل للضال والمهتدي، وقيل: مثل لمن اتبع الوحي ومن لم يتبع { وأنذر به } يعني القرآن { الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم } يعني قوم داخلون في الإسلام مقرون بالبعث إلا أنهم مفرطون في العمل فينذرهم بما أوحي إليه { لعلهم يتقون } أي يدخلون في زمرة أهل التقوى من المسلمين، وقيل: أراد أهل الكتاب لأنهم مقرون بالبعث { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه }
" الآية نزلت حين قال المشركون لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لو طردت هؤلاء الأعبد يعنون فقراء المسلمين وهم عمار بن ياسر وصهيب وخباب وسلمان وبلال وغيرهم من فقراء المسلمين وكان عليهم جباب من صوف فقالوا: لو نفيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم جلسنا إليك وحادثناك فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما أنا بطارد المؤمنين "
وروي أن عمر قال: لو فعلت حتى تنظر إلى ما يصيرون فنزلت، واعتذر عمر عما قال فقال سلمان وخباب: فينا نزلت وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقعد معنا ويدنو منا وكان يقوم عنا إذا أراد القيام فنزل قوله تعالى: { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي } قيل: هو الدعاء والثناء، وقيل: ذكر الله، وقيل: العبادة، وقيل: الصلاة المكتوبة { يريدون وجهه } طاعته ورضاه { ما عليك من حسابهم من شيء } قيل: ما عليك من حساب عملهم، وقيل: من حساب رزقهم وفقرهم، وقيل: حساب هؤلاء الكفار إن لم يؤمنوا فتركهم فتطردهم جواب لقوله: { ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين }.
[6.53-55]
قوله تعالى: { وكذلك فتنا بعضهم ببعض } يعني الفقير بالغني والغني بالفقير امتحانا من الله تعالى أليس الله بأعلم بالشاكرين يعني المؤمنين وهذا جواب لقولهم: { أهؤلاء من الله عليهم من بيننا } فقال: { أليس الله بأعلم بالشاكرين } من يشكر على الاسلام، قوله تعالى: { وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا } الآية نزلت في القوم الذين طلبت مشركوا مكة طردهم، وقيل: في جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم علي (عليه السلام) ومصعب بن عمير وجعفر وحمزة، وعمار وأبو بكر وعمر، وقال عكرمة: جاء عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، ونوفل بن الحرث من أشراف بني عبد مناف إلى أبي طالب فقالوا: يا ابا طالب لو أن ابن أخيك محمدا يطرد عنه موالينا كنا نجالسه، فأتى أبو طالب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكلمه بالذي حدثوه، فقال عمر: لو فعلت ذلك حتى تنظر الذي يريدون وإلى ما يصيرون فنزلت الآية وجاء عمر فاعتذر من مقالته رواه في تفسير الثعلبي،
" وروي أنهم قالوا: إن كنت أرسلت إلينا فاطرد هؤلاء عنك فنكون من أصحابك فنزلت الآية، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع قوم يقو أمتي معكم المحيى ومعكم الممات "
فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقعد ويدنو منهم يؤمنون بآياتنا يصدقون بالقرآن، وقيل: بمحمد ومعجزاته { فقل سلام عليكم } أمره أن يسلم عليهم، وقيل: السلام هو الله تعالى، ومعناه الله مطلع عليكم، حافظ لكم { كتب ربكم على نفسه الرحمة } قيل: أوجب على نفسه إيجابا مؤكدا، وقيل: كتبه في اللوح المحفوظ، وقيل: في القرآن { وكذلك نفصل الآيات } ، قيل: الحجج والتفصيل التبيين { ولتستبين سبيل المجرمين } بالرفع أي لتظهر طريق المجرمين وبالنصب لتظهر طريق الحق والباطل.
[6.56-60]
Halaman tidak diketahui