{ وأن المساجد لله } قيل: هي المواضع المهيأة للصلاة، وقيل: البقاع كلها فكل موضع يسجد فيه فهو مسجد، وقيل: هي الأعضاء التي يسجد عليها وهي سبعة أعضاء وهي لله تعالى لأنه خلقها ورباها وأنعم لها { فلا تدعوا مع الله أحدا } يعني أخلص العبادة له، وقيل: تدعو غير الله كما يفعله اليهود والنصارى والمشركون، قال الحسن: من السنة إذا دخل الرجل المسجد أن يقول: لا إله إلا الله لا أدعو مع الله أحدا { وأنه لما قام عبد الله } يعني محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعوه يقول: لا إله إلا الله { كادوا } يعني الجن { يكونون عليه لبدا } حرصا على استماع القرآن، واللبد المتراكب بعضه فوق بعض، ولبد رأسه إذا لزق بعض شعره ببعض، وقيل: لما قام عبد الله يدعوه تلبدت الجن والإنس على هذا الأمر ليطفئوا نور الله والله متم نوره ومظهره، وقيل: لما دعا قريشا إلى التوحيد اجتمعوا وازدحموا عليه حنقا وغيظا وكادوا يعني المشركين يتلبدوا عليه لابطال أمره { قل إنما أدعو ربي } أي ليس هذا ببديع أني أدعو ربي وأدعو إلى توحيده وعدله وتنزيهه عما لا يليق به { ولا أشرك به أحدا } { قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا } قيل: خطاب للمشركين الذين تجمعوا لابطال أمره إني لا أملك عذابكم ولا نجاتكم بل الأمر فيه إلى الله تعالى وهذا اعتراف بالعبودية، وقيل: لا أستطيع أقسركم على الغي والرشد إنما القادر على ذلك الله عز وجل { إلا بلاغا } استثناء منه أي لا أملك { إلا بلاغا من الله } { قل إني لن يجيرني من الله أحد } قيل: ان المشركين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنك أتيت بأمر عظيم لم يسمع مثله وإنك قد عاديت الناس فارجع عن هذا ونحن نجيرك فأنزل الله: { لن يجيرني من الله أحد } أي لن يمنعني من أمر يريده بي { ولن أجد من دونه ملتحدا } قيل: ملجأ أنزل إليه، وقيل: نصيرا، وقيل: مدخلا في الأرض { إلا بلاغا من الله } يعني تبليغا لرسالاته فإنه ملجأي وملتحدي ومنه لي الأمر والنجاة وأراد بالرسالة ما أرسل لأجله من بيان الشرائع التي لا تتم إلا به ويحتمل أن يكون للتأكيد جمع بينهما { ومن يعص الله ورسوله } أي خالف أمره وارتكب معاصيه، وقيل: هو عام يدخل فيه البلاغ وغيره { فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا } { حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا }.
[72.25-28]
{ قل } يا محمد { إن أدري أقريب ما توعدون } قيل: القيامة، وقيل: اراد القيامة، وقيل: أراد العذاب أي لا أعلم ذلك قريب يعجل { أم يجعل له ربي أمدا } أي أجلا وغاية تطول مدتها { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا } أي لا يطلع على غيبه أحدا { إلا من ارتضى من رسول } أي من يصطفيه ويختاره فيعطيه ما يشاء من الغيب على ما يرى من المصلحة { فإنه يسلك من بين يديه } من ارتضى للرسالة { ومن خلفه رصدا } حفظة من الملائكة يحفظونه من الشياطين يطردونهم عنه ويعصمونه من وساوسهم حتى يبلغ ما أوحي به اليه، وعن الضحاك: ما بعث نبي إلا ومعه ملائكة يحرسونه من الشياطين إن يتشبهوا بصور الملائكة { ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم } كما هي محروسة من الزيادة والنقصان { وأحصى كل شيء عددا } من القطر والرمل وورق الأشجار وزبد البحار، فكيف يحيط بما عند الرسول من وعيد وكلامه؟ وقيل: كان إذا نزل الوحي بعث الله جبريل ومعه ملائكة يحرسون الوحي فيحرسون النبي من كفار الإنس والجن إلا أن يؤدي ويبلغ إلى الخلق، وقيل: رصدا حفظة من الملائكة ليعلم، قيل: ليعلم محمد أن الرسل قبله أتوا رسالات ربهم وبلغوا، وقيل: الرسل أن قد أبلغوا رسالات ربهم، وقيل: ليعلم الله ومعناه ليظهر من المعلوم ما كان الله عالم به.
[73 - سورة المزمل]
[73.1-9]
{ يأيها المزمل } المتلحف قال امرئ القيس:
كأن شرا في عرانين وبله
كبير أناس في بجاد مزمل
وهو الذي يزمل في ثيابه أي يلفف بها بادغام التاء في الزاي ونحوه المدثر وقرئ المتزمل على الأصل { قم الليل إلا قليلا } فاشتد عليهم محافظة الوقت نصف الليل أو أقل أو أكثر وكانوا يقومون حتى يصبح فشق ذلك عليهم وورمت أقدامهم فخفف الله عنهم ونسخت هذه الآية، وقيل: بين أن فرضت هذه الصلاة حتى نسخت سنة عن الحسن وابن عباس، وقيل: ثمانية أشهر عن عائشة، وقيل: هذا بمكة قبل فرض الصلاة الخمس ثم نسخ بالخمس، وقيل: كان بينهما عشرين سنة ولما سماه الكفار بأسماء شقت عليه قالوا: ساحر شاعر كاهن مجنون تزمل بثيابه ونام فأتاه جبريل ثم قال: يأيها المزمل يأيها المتدثر أي: قم في الليل للصلاة عن أكثر المفسرين، وقال أبو مسلم: قم لقراءة القرآن، وقيل: كان هذا في ابتداء الوحي ولم يكن أدى شيئا من الوحي { إلا قليلا } استثناء { نصفه } بدل من الليل { أو أنقص منه قليلا } من النصف فترده إلى الثلث { أو زد عليه } على النصف إلى الثلثين فخيره بين هذه المنازل وصار ذلك موكولا إلى اجتهاده { ورتل القرآن ترتيلا } ، قيل: ترسل فيه ترسيلا، وقيل: بينه بيانا شافيا، وقيل: فسره تفسيرا وأصل الترتيل أن يأتي بالحرف تاما بعضه على أثر بعض { إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا } قيل: ثقل العمل به للمشقة فيه، وقيل: ثقيلا في الميزان، وقيل: ثقيلا في الوعيد والحرام والحلال { إن ناشئة الليل } موافقة ساعاته كلها وكل ساعة ناشئة لإنشائها وجمعها ناشئات، وقيل: ساعات التهجد، وقيل: ناشئة الليل بين المغرب والعشاء عن علي بن الحسين وكان يصلي بينهما ويقول هذه ناشئة الليل، وقيل: القيام آخر الليل { أشد وطأ } يعني يواطئ قلبه وسمعه وبصره ولسانه، فأما وطأ قيل: أثبت { وأقوم قيلا } قيل: أقوم قراءة وأصوب لفراغ قلبه من شغل الدنيا { إن لك في النهار سبحا طويلا } قيل: سبحا متفرقا ومتقلبا في حوائج المعاش { واذكر اسم ربك } داوم على ذكره في ليلك ونهارك { وتبتل إليه تبتيلا } قيل: أخلص إليه إخلاصا، وقيل: انقطع إليه انقطاعا، وقيل: توكل عليه توكلا { رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا } قيل: حافظا، وقيل: فوض أمرك إليه واعتمد عليه.
[73.10-20]
Halaman tidak diketahui