{ أم نحن المنشئون } المخترعون { نحن جعلناها تذكرة } يعني جعلنا نار الدنيا تذكرة للنار الكبرى نار جهنم، وروي عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
" ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم "
{ ومتاعا للمقوين } المسافرين، يعني النار التي في الأرض المقفرة، وقيل: متاعا للناس كلهم { فسبح باسم ربك العظيم } الذي خلق هذه الأشياء { فلا أقسم } قيل: معناه أقسم ولا صلة، وقيل: لا يراد، وقيل: القسم كقوله: لا والله لأفعل كذا { بمواقع النجوم } قيل: نجوم القرآن التي أنزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنه أنزل نجوما، وقيل: بمساقط النجوم ومطالعها، وقيل: انتشارها وانكدارها يوم القيامة، قيل: القسم برب النجوم، وقيل: بهذه الأشياء { وإنه لقسم لو تعلمون عظيم } أي لو علمتم عظمه { إنه لقرآن كريم } هذا جواب القسم، ومعنى هذا الكتاب قرآن كريم { في كتاب مكنون } محفوظ مصون وهو اللوح المحفوظ { لا يمسه } قيل: أنها كناية عن اللوح، يعني لا يمسه إلا الملائكة { المطهرون } ، وقيل: هو القرآن فلا يمسه ولا يقرأه إلا المطهرون من الجنابة، وقيل: المطهرون من الشرك، وقيل: لا ينبغي أن يمسه إلا من هو على الطهارة من الناس { تنزيل من رب العالمين } أي منزل من جهته { أفبهذا الحديث } قيل: القرآن، وقيل: الإعادة، وقيل: النبوة { أنتم مدهنون } مكذبون { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } قيل: على حذف المضاف، يعني تجعلون شكر رزقكم التكذيب، أو وضعتم التكذيب موضع الشكر، وقرئ وتجعلون شكر رزقكم أنكم تكذبون، والمعنى تجعلون شكركم لنعمة القرآن أنكم تكذبون به { فلولا إذا بلغت الحلقوم } يعني فهلا إذا بلغت الروح وهي النفس عند خروجها من الجسد في حال النزاع { وأنتم حينئذ تنظرون } إلى أمري وسلطاني، وقيل: الخطاب لمن حضر الميت من أهله فلا يقدرون على دفع شيء منه، وقيل: الخطاب للمريض أي تنظرون فلا تقدرون على دفع ما نزل بكم { ونحن أقرب إليه منكم } بالقدرة { ولكن لا تبصرون } { فلولا إن كنتم غير مدينين } أي غير محارين مدينين، قيل: مديونين، وقيل: محاسبين، وقيل: مصدقين، وقيل: موقنين { ترجعونها } أي هل تردون الروح إلى النفس إن كان ما تزعمون، و { كنتم صادقين } إلا صانع ولا بعث فإذا لم تقدروا عليه فاعلموا أن ذلك تقدير صانع مدبر حكيم { فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنات نعيم } قيل: الروح: الراحة، والريحان: الرزق، وقيل: الروح: الفرح، والريحان: المشموم، وقيل: روح في القبر والريحان في الجنة { وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين } أي فسلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين، أي يسلمون عليك كقوله:
الا قيلا سلاما سلاما
[الواقعة: 26] { وأما إن كان من المكذبين الضالين } عن الحق { فنزل من حميم } أي نزله الذي يقام له ورزقه المعد له الحميم ما يجمع من صديد أهل النار { وتصلية جحيم } الحار النار وألزموها دائما { إن هذا } ما تقدم من الوعد والوعيد { لهو حق اليقين } أي الحق الثابت من اليقين { فسبح } فصل بذكره، وقيل: نزهه وعظمه.
[57 - سورة الحديد]
[57.1-4]
المعنى: { سبح لله ما في السماوات و الأرض } إما ما يعقل في السماوات الملائكة والأرض والمؤمنون فيسبحونه قولا وفعلا واعتقادا، وإما ما لا يعقل فتسبيحه على وجهين: أحدهما بما فيه من الدلالة على تنزيهه، والثاني دلالة العبادة له فيصرفه كيف يشاء { وهو العزيز الحكيم } القادر الذي لا يمتنع عليه شيء ومع ذلك حكيم محكم لأفعاله لا يفعل إلا الحسن، وقيل: الحكيم العالم بكل شيء { له ملك السماوات والأرض } اختراعهما وتصرفهما كما يشاء، وقيل: خزائنهما من مطر ونبات ورزق وإحياء وإماتة وإيجاد وإعادة { يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير } { هو الأول والآخر } قيل: الموجد أولا قبل كل موجود والآخر بعد فناء كل شيء يعني أنه قديم باقي { والظاهر } بالأدلة الدالة عليه، { والباطن } لكونه غير مدرك بالحواس، وقيل : الظاهر على كل شيء بالقدرة، والباطن العالم بما ظهر وبطن { وهو بكل شيء عليم } موجودا كان أو معدوما { هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام } لاعتبار الملائكة بأنه يظهر شيئا بعد شيء { ثم استوى على العرش } المعروف، والاستواء عليه كونه قادرا عليه وعلى خلقه قال:
قد استوى بشر على العراق
من غير سيف ودم مهراق
Halaman tidak diketahui