" من خرج من منزله فقرأ آية الكرسي بعث الله سبعين الفا من الملائكة يدعون له ويستغفرون له فإذا رجع الى منزله وقرأها نزع الله الفقر من بين عينيه "
قوله تعالى: { الله لا اله الا هو } أي لا أحد يستحق الالهية وتحق العبادة له غيره { الحي } الباقي { القيوم } القائم على كل نفس بما كسبت { لا تأخذه سنة } أي نعاس { ولا نوم } يعني مضجع نومه تعالى { إلا بإذنه } أي بأمره { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } ما كان قبلهم وما يكون بعدهم، وقيل: ما بين أيديهم ما مضى من الدنيا وما خلفهم من الآخرة، وقيل: ما بين أيديهم من الآخرة لأنهم يقدمون عليها وما خلفهم يعني من الدنيا لانهم خلفوها وراء ظهورهم { ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء } أي من علومه الا بما شاء ان يعلمهم به ويطلعهم عليه { وسع كرسيه السموات } يعني كرسيه أوسع من السموات والارض واختلفوا في الكرسي فقيل: علمه ومنه الكراسة لما ركبت فيها من العلم وقد يسمى العلماء كراسي، وقيل: هو العرش، وقيل: ملكه وقدرته وسلطانه { ولا يؤوده } أي لا يثقله ولا يشق عليه { حفظهما } أي حفظ السموات والارض { وهو العلي } عن الانداد والاشباه { العظيم } عظيم الشأن { لا اكراه في الدين } أي ليس في الدين اكراه من الله تعالى ولكن العبد مخير فيه، وقيل: معناه ليس في الدين ما يكرهه اهله وانما يكرهه المنافق، وقيل: انها نزلت في رجل من الانصار كان له غلام اسود وكان يكرهه على الإسلام { قد تبين الرشد من الغي } قد تبين الايمان من الكفر بالدلائل الواضحة { فمن يكفر بالطاغوت } قيل: هو الشيطان نعوذ بالله منه، وقيل: هو الكاهن، وقيل: الساحر، وقيل: هو كعب بن الاشرف لعنه الله تعالى، وقيل: كل ما يطغى { فقد استمسك بالعروة الوثقى } العظيمة الوثيقة وهي الايمان بالله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) { لا انفصام لها } أي لا انقطاع لها وهذا تمثيل { الله ولي الذين آمنوا } أي ناصرهم { يخرجهم من الظلمات إلى النور } قيل: يخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، وقيل: من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى، وقيل: من الذل إلى العز في الدارين، وقيل: من النار إلى الجنة { والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت } قيل: الشيطان، وقيل: كعب بن الاشرف وحيي بن اخطب، وقيل: سائر رؤساء الضلالة.
[2.258]
{ الم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه ان اتاه الله الملك } الهاء في اتاه تعود الى الذي حاج، وقيل: الى ابراهيم (عليه السلام) والملك ملك النبوة ومعنى { الم تر } الم تعلم يا محمد هذا هو النمرود بن كنعان وهو اول من وضع التاج على رأسه وادعى الربوبية فإن قيل: متى كانت محاجته لإبراهيم (عليه السلام)؟ قيل: عند كسر الاصنام، وقيل: عند ألقي في النار وقد روي ان النمرود لعنه الله لما فلجه ابراهيم وقطع حجته بالآيات العظيمة قال: هل يستطيع ربك ان يقابلني فقد طالت المحاجة بيني وبينك فاوحى الله تعالى الى ابراهيم ان عده غدا عند طلوع الشمس فقال له ابراهيم (عليه السلام): إن ميعادك فيما سألت غدا عند طلوع الشمس فبات الملعون يجمع عساكره حتى أصبح وقد حشد خلقا كثيرا لا يحصى ثم أرسل إلى إبراهيم حين أصبح فأتاه فقال: يا إبراهيم أين ما وعدتني؟ فقال له (عليه السلام): اتاك الأمر مع طلوع الشمس، فلما طلعت الشمس طلعت متغيرة اللون لا يرى ضوؤها فقال له: ما بال الشمس اليوم؟ فقال له: انه قد ذهب بنورها كثرة الجند الذين وجههم الله تعالى إليك أنه قد أرسل إليك اضعف جنده وهي الفراش تغشي الملعون وأصحابه فجعل الفراش يدخل في أفواههم وآذانهم فيقتلهم والملعون ينظر ما نزل به وأصحابه من الأمر العظيم الذي لا حيلة فيه حتى اهلكهم وهو ينظر ثم دخلت في رأسه فأقبلت تأكل دماغه وهو ينطح برأسه الجدار حتى هلك لا رحمه الله على اشر حال روي ذلك في تفسير الهادي (عليه السلام)، فان قيل: كيف جاز ان يؤتي الله الملك الكافر؟ فيه قولان: اتاه ما علا به وتسلط من الخدام والاتباع، وقيل: ملكه امتحانا لعباده ولان أهل مملكته كانوا كفارا ومعنى المحاجة المجادلة يعني جادله وخاصمه، وقال: يا إبراهيم من ربك الذي تدعو اليه؟ { قال ابراهيم ربي الذي يحي ويميت قال انا احيي وأميت } روي انه جاءه برجلين قتل احدهما وأبقى الآخر فانتقل إبراهيم الى حجة أخرى، وقيل: من مثال إلى مثال، وقال: { فان الله يأتي بالشمس من المشرق } الآية، قيل: انه لما قتل احد الرجلين، وقال: أنا احيي وأميت، قال له ابراهيم: ليس هكذا ولكن ادخل الروح في جسد الذي قتلته واحييه وانزع روح الحي من جسده { فبهت الذي كفر } إي انقطعت حجته روي ان الله اهلكه وجنوده على يدي ابراهيم (عليه السلام).
[2.259-264]
{ أو كالذي مر على قرية } الآية معناه أرأيت مثل الذي كان كافرا بالبعث وهو الظاهر لانتظامه مع نمرود و بقوله { أنى يحي هذه الله بعد موتها } قيل: هو عزير، وقيل: الخضر اراد أن يعاين احياء الموتى لتزداد بصيرته والقرية بيت المقدس حين خربه بخت نصر، وقيل: هي التي خرج منها الالوف { خاوية على عروشها } قيل: ساقطة، وعروشها سقوفها، أي سقطت السقوف ثم سقطت عليها الجدر، وقيل: عروشها أبنيتها من قوله: { يعرشون } قوله تعالى: { لبثت يوما أو بعض يوم } نام اول النهار ثم احياه الله تعالى اخر النهار بعد المئة فقال: { لبثت يوما } ثم التفت فرآى بقية الشمس فقال: { أو بعض يوم فانظر إلى طعامك } روي ان طعامه كان تينا وعنبا وشرابه عصيرا ولبنا فوجده على حاله { لم يتسنه } لم يتغير { وانظر إلى حمارك } كان معه حمار فهلك وبليت عظامه، وقيل: كان حماره مربوطا فقام وهو حي كما كان وذلك من أعظم الآيات ان يعيشه الله مائة عام من غير علف ولا ماء، وقد قيل: انه أتى قومه راكبا حماره فقال: أنا عزير فكذبوه فقال: هاتوا التوراة فأخذها يهذها هذا عن ظهر قلبه وهم ينظرون في الكتاب فما حرم حرفا فقالوا: هذا ابن الله، وقيل: رجع الى منزله فرأى اولاده شيوخا وهو شاب فاذا حدثهم بحديث: قالوا حديث مائة سنة [ولم احدا قرأ] التوراة ظاهرا قبل عزير فذلك كونه آية { وانظر الى العظام } هي عظام الحمار، وقيل: عظام الموتى الذي تعجب من احيائهم { كيف ننشزها } كيف نحييها وقرأ ننشرها من نشر الله الموتى اذا احياهم. { وإذ قال إبراهيم رب أرني } من رؤية العين { ولكن ليطمئن قلبي } ليزداد سكونا ويقينا وطمأنينة واختلفوا في سبب سؤال ابراهيم هذا على أقوال: قيل: احب ان يعلم ذلك علم عيان دون علم استدلال، وقيل: سأل عن قومه وان اضاف السؤال إلى نفسه كما فعل موسى في سؤال الرؤية، وقيل: بشر الملك ابراهيم بأن الله اتخذه خليلا والله يجيب دعوته ويحي الموتى بدعائه، قوله تعالى: { فخذ أربعة من الطير } قيل: طاووس وديكا وغرابا وحمامة { فصرهن إليك } أي قطعهن، وقيل: بالضم املهن اليك وبالكسر قطعهن، وقيل: المراد بالآية قطعهن وهو قوله الاكثر لان إبراهيم (عليه السلام) قطع أعضاءها ولحمها وريشها ودمها وخلط بعضها ببعض { ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا } قيل: على اربعة جبال، وقيل: سبعة، وقيل: تسعة جبال ففعل ذلك إبراهيم وأمسك رؤوسهم عنده ثم دعاهن فذلك قوله تعالى: { ثم ادعهن } وقل لهن: تعالين بإذن الله تعالى فجعل أمر الطير يطير بعضها إلى بعض ثم أتته { سعيا } على أرجلهن ويلقى كل طائر رأسه فذلك قوله تعالى: { يأتينك سعيا } يعني ساعيات مسرعات { مثل الذين ينفقون } الآية يعني مثلهم { كمثل } باذر { حبة } والمنبت هو الله تعالى ولكن الحبة لما كانت سببا اسند إليها النبات كما يسند إلى الأرض وإلى الماء ومعنى انباتها { سبع سنابل } يخرج ساقها يبدو فيها سبع لكل واحدة سنبلة وهذا موجود في الدخن والذرة، قوله تعالى: { في سبيل الله } يعني دينه اراد النفقة في الجهاد، وقيل: في جميع أبواب البر ويدخل فيه الواجب يعني ان النفقة في سبيل الله بسبع مائة ضعف والله يضاعف لمن يستوجب ذلك، قوله تعالى: { الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله } نزلت الآية في عبد الرحمن تصدق بنصف ماله اربعة آلاف دينار { ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى } وهو ان يذكر نعمته عليه بما ينقصه، وقيل: يمن على الناس بنفقته، قوله تعالى: { ولا أذى } يعني ما يؤذي به الفقير، قوله تعالى: { قول معروف } أي رد جميل { ومغفرة } عفو عن السائل اذا وجد منه ما يثقل على المسؤول، وقيل: المغفرة بالعفو عن ظالمه { كالذي ينفق ماله رئاء الناس } أي لا تبطلوا صدقاتكم كإبطال المنافق الذي ينفق ماله رئاء الناس لا يريد بها رضاء الله وثواب الآخرة { فمثله كمثل صفوان } أي مثله ونفقته بصفوان حجر أملس { عليه تراب فأصابه وابل } مطر عظيم القطر { فتركه صلدا } أي أجردا نقيا من التراب الذي كان عليه { لا يقدرون على شيء } ممن ثابه { مما كسبوا } حيث أعطوه بالرياء، وقيل: هو قوله تعالى:
فجعلناه هباء منثورا
[الفرقان: 23].
[2.265-268]
قوله تعالى: { ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله } أي طلبا لرضائه { وتثبيتا من أنفسهم } لقوة اليقين والبصيرة في الدين ومعناه وتثبتوا منها ببذل المال الذي هو شقيق الروح وبذله أشق شيء على النفس { كمثل جنة } وهو البستان { بربوة } بمكان مرتفع مستوي تجري فيه الانهار وخص ذلك لأن نبتها أحسن { أصابها وابل } أي مطر عظيم القطر { فأتت أكلها ضعفين } أي مثلين، وقيل: أربعة أمثاله { فإن لم يصبها وابل فطل } أي مطر صغير القطر يكفيها، وقيل: هو النداوهة أمثل لعمل المؤمن يعني كما ان الجنة تروح في كل حال قل المطر أو كثر كذلك يضعف الله ثواب صدقة المؤمن قلت نفقته أو كثرت { أيود أحدكم } أي أيحب أحدكم ويريد ويتمنى جنة بستان { تجري من تحتها الأنهار } يعني المياه الجارية من تحت الاشجار، وقيل: من تحت الأبنية { له فيها من كل الثمرات } من جميع أنواعها { وأصابه الكبر } أي الشيب { وله ذرية ضعفاء } أولاد صغار عجزة { فأصابها } أي الجنة وما فيها { إعصار فيه نار } أي ريح شديدة فيها نار، وقيل: هي السموم المحرقة للثمار { فاحترقت } هي وما فيها وبقي هو وهم فقراء عجزة محتاجون متحيرون لا يقدرون على شيء هذا مثل للمرائي في النفقة انه ينقطع عنه احوج ما يكون إليه، وقيل: هو مثل للمفرط في الطاعة بملاذ الدنيا، وقيل: مثل للمؤمن يختم عمله بفساد، وقيل: هو مثل لمن يعمل الأعمال الحسنة لا يبتغي بها وجه الله تعالى فاذا كان يوم القيامة وجدها محبطة فيتحسر عند ذلك من كانت له جنة من أبهى الجنان وأجمعها للثمار، وعن عمر انه سأل عنها أصحابه فقالوا: الله أعلم، فغضب وقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم، فقال ابن عباس: منها شيء في نفسي، فقال: قل يابن أخي ولا تحقرن نفسك، قال: ضرب مثلا لعمل قال: لأي عمل؟ قال: لرجل غني يعمل الحسنات ثم انه عمل المعاصي حتى اغرق عمله كله، قوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا أنفقوا } الآية نزلت في الأنصار وكانوا يأتون بتمر الصدقة يضعونه في المسجد ليأكل منها فقراء المسلمين المهاجرين وكان بعضهم يأتي بالحضون فيدخله فيه، وقيل: كان بعضهم يتصدق بشرار تمرة { ولستم بآخذيه } أي أنكم لا تأخذونه في حقوقكم { إلا أن تغمضوا فيه } يعني الا ان تسامحوا فيه وترخصوا في أخذه من قولهم: أغمض فلان عن فلان اذا غض بصره { الشيطان } قيل: ابليس، وقيل: سائر الشياطين من الجن والانس، قوله تعالى: { يعدكم الفقر } في النفقة في وجه الله ويقولان: تصدقت افتقرت { ويأمركم بالفحشاء } أي بالبخل ومنع الزكاة، وقيل: بالمعاصي.
Halaman tidak diketahui