235

Tafsir Al-Açqam

تفسير الأعقم

Genre-genre

{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } أي اتقوا ما نهاكم عنه أو اتقوا عذابه { وقولوا قولا سديدا } أي قصدا حقا، قيل: صوابا، وقيل: عدلا، وقيل: قول لا إله إلا الله { يصلح لكم أعمالكم } قيل: يقبلها لكم ويثيبكم عليها { ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما } { إنا عرضنا الأمانة } اختلفوا في الأمانة قيل: الطاعة لله، وقيل: الفرائض وحدود الدين، وقيل: ما أمر به ونهى عنه، وقيل: ما يخفى من الشرائع كالصوم والاغتسال ونحوه، وقيل: هي أمانات الوفاء بالعقود والعهود عن ابن عباس، واختلفوا في معنى الآية قيل: إنا عرضنا الأمانة أي العبادات والتكاليف بما في أدائها من الثواب وفي تضييعها من العقاب { على السماوات والأرض } أهل السماوات والأرض والجبال كقوله:

واسأل القرية

[يوسف: 82] وأهل السماء الملائكة، وأهل الأرض والجبال الجن والإنس { فأبين أن يحملنها } أي امتنعوا أن يخونوا فيها، والمراد يحملن تضييع الأمانة { وأشفقن } من ذلك { وحملها الإنسان } بالتضييع فتركها وخانها بالتضييع عن أبي علي، وقيل: هذا على التقدير، أي لو كانت السماوات والأرض والجبال مع عظمها حية قادرة عالمة ثم عرضت عليها هذه الأمانة بما فيها من الوعد والوعيد عرض تخيير خافت حملها لما فيه من الوعيد { وحملها الإنسان } ولم يخف الوعيد لحمله وظلمه، وعلى هذا الحمل ما روي عن ابن عباس أنها عرضت على السماوات فأبت وأشفقت { ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } بتضييع الأمانة والتوحيد { ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما } لمن تاب وأصلح.

[34 - سورة سبإ]

[34.1-5]

{ الحمد لله } وهو صفة بأسمائه الحسنة وصفاته العليا وشكره على نعمه في الدين والدنيا { الذي له ما في السماوات وما في الأرض } ملكا وخلقا { وله الحمد في الآخرة } وهو المحمود على أفعاله المستحق للحمد في الدارين لكونه منعما فيهما { وهو الحكيم } الذي أحكم أمور الدارين ودبرهما بحكمته { الخبير } بكل كائن يكون { يعلم ما يلج في الأرض } من الغيب والكنوز والأموات { وما يخرج منها } من الشجر والنبات لا يعلمها إلا هو { وما ينزل من السماء } من الأمطار والثلوج والبرد والصواعق والأرزاق والملائكة وأعمال العباد { وهو الرحيم الغفور } للمفرطين في أداء مواجيب شكرها وغفور لذنوبهم إذا تابوا { وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل } يا محمد { بلى } تأتيهم الساعة { وربي } أخبر به وأكده باليمين { عالم الغيب } يعني يعلم كل ما يغيب لا تخفى عليه خافية لأنه عالم لذاته فلا يختص بمعلوم دون معلوم { لا يعزب عنه } أي لا يغيب عن علمه { مثقال ذرة } وهي النملة { في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين } يعني محفوظ عنده، وقيل: في اللوح المحفوظ { ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات } أي ليكافي من آمن وعمل صالحا بما يستحقه من الثواب { أولئك لهم مغفرة ورزق كريم } أي هنيء لا يكدره شيء يعني في الجنة { والذين سعوا في آياتنا } أي في حجتنا { معاجزين } أي عملوا في إبطالها وهو الكتاب وسائر المعجزات وسعيهم ردها بالتكذيب، وقيل: سعيهم دعاءهم إلى الكفر، وقوله: { معاجزين } أي منافقين، أي يحسبون أنهم يعجزوننا ويفوتوننا، وقرئ معجزين { أولئك لهم عذاب من رجز أليم } قيل: هي الأمور الكريهة، وعن قتادة: الرجز سوء العذاب.

[34.6-11]

{ ويرى الذين أوتوا العلم } أعطوا العلم قيل: هو أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: من آمن من علماء أهل الكتاب كعبد الله بن سلام، وقيل: كل من أوتي العلم إلى يوم القيامة، وقيل: هم علماء التوحيد والعدل { الذي أنزل إليك } أي يعلمون أنه { الحق } وهو القرآن { ويهدي } يعلمون أنه حق ويعلمون أنه يهدي { إلى صراط العزيز } القادر { الحميد } المحمود والصراط قيل: هو دين الإسلام { وقال الذين كفروا } القادة والاتباع متعجبين منه: { هل ندلكم على رجل } يعنون محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) { ينبئكم } يخبركم { إذا مزقتم كل ممزق } بليتم وتفرق أجزاؤكم وتقطع أوصالكم وصرتم ترابا، كل ممزق يعنون تفريقا عظيما { إنكم لفي خلق جديد } أي تعودون أحياء كما كنتم { أفترى على الله كذبا } قيل: هو من كلام المتبوعين أيضا قالوه معجبين، وقيل: هو من كلام الاتباع جوابا لهم { أم به جنة } أو مجنون لا يدري { بل } الكفار { الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب } أي يصيرون إلى العذاب { والضلال البعيد } يعني بعيد عن الحق { أفلم يروا } أفلم ينظروا { إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض } ألم يروا أن السماء محفوظة بهم والأرض، وأنهما حيثما كانوا وأينما ساروا أمامهم وخلفهم محيطتان بهم لا يقدروا أن ينفذوا من أقطارها وان يخرجوا عما هم فيه من ملكوت الله، وقيل: بالسماء والأرض أنعم عليهم أفلا يدبرون { إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء } لتكذيبهم بالآيات وكفرهم بالرسول وبما جاء به كما فعل بقارون وأصحاب الأيكة { إن في ذلك } النظر إلى السماء والأرض والفكر فيهما وما يدلان عليه من قدرة الله { لآية } دلالة { لكل عبد منيب } وهو الرجع إلى ربه المطيع له تائب من ذنوبه { ولقد آتينا داوود منا فضلا } أي أعطيناه فضلا، والمراد أنا فضلناه على غيره بما أعطيناه من النبوة والكتاب وهو الزبور والمعجزات الظاهرات { يا جبال أوبي معه } وقلنا: يا جبال أوبي من التأويب والأوب أي رجعي معه التسبيح، ومعنى تسبيح الجبال أن الله سبحانه خلق فيها تسبيحا كما خلق الكلام في الشجر فسمع منها كما يسمع من المسبح معجزة لداوود (عليه السلام) { والطير } بأصواتها، قال جار الله: والذي ذكره الحاكم قال معناه يا جبال أوبي معه أي سخرنا الجبال له وسهلناها فلا يصعب عليه ما يريده منها من قطع وغيره لأنه ليس بحي مخاطب، وقيل: كانت الجبال تسبح إذا سبح، عن ابن عباس: أي رجعي معه بالتسبيح، وقيل: إذا قرأ الزبور بصوت حزين والطير تعظيما لقراءته، وهذا يحتمل أن الله خلق ذلك فيها معجزة لداوود { وألنا له الحديد } وجعلناه له لينا كالطين والعجين والشمع يصرفه كيف شاء من غير نار ولا ضرب بمطرقة { ان اعمل سابغات } وهي الدروع الواسعة الصافية، وهو أول من اتخذها، وكان يأكل من كسب يده، وروي أنه كان يبيع الواحد بأربعة آلاف { وقدر في السرد } في نظم الحلق والسرد حلق الدرع، وقيل: السابغات الدروع والسرد الإرسال والله أعلم { واعملوا صالحا } أي قلنا لهم اعملوا { إني بما تعملون بصير } فمجازيكم به.

[34.12-14]

{ ولسليمان الريح } أي وسخرنا لسليمان { غدوها شهر } أي سيرتها في غدوها إلى انتصاف النهار مسيرة شهر، وكذلك رواحها مسيرة شهر كل يوم مسيرة شهرين { وأسلنا له عين القطر } عين النحاس، وقيل: سيل في الشهر ثلاثة أيام، وروي أنه سال في اليمن { ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه } أي من الجن من سخرنا له بأمر الله { ومن يزغ منهم } ومن يعدل { عن أمرنا } الذي أمرنا به { نذقه من عذاب السعير } عذاب الآخرة، وروي أنه كان معه ملك بيده سوط من نار كلما استعصى عليه ضربه من حيث لا يراه الجني { يعملون له ما يشاء من محاريب } المساكن والمجالس الشريفة، وقيل: هي المساجد { وتماثيل } صور الملائكة والنبيين والصالحين، وكانت تعمل المحاريب من نحاس وصفر وزجاج ورخام ويجوز أن يكون غير صور الحيوان كصور الأشجار وكانت جائز في شريعته { وجفان } هي القصاع الكبار الذي يوكل فيه { كالجواب } قيل: الحياض، وقيل: كحياض الابل، وقيل: كان يجمع على كل جفنة ألف رجل { وقدور راسيات } ثابتات لا تحمل عن مكانها، وقيل: كانت عظيمة كالجبال { اعملوا آل داوود شكرا } يعني اشكروا الله على هذه النعمة { وقليل من عبادي الشكور } يعني المؤمنين الذي يشكر الله قليل { فلما قضينا عليه الموت } أوجبنا عليه الموت على سليمان { ما دلهم على موته } أي ما دل الجن على موت سليمان { إلا دابة الأرض تأكل منسأته } أي عصاه { فلما خر } سقط { تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين } وقرأ ابن مسعود: تبينت الانس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب، وروي أنه كان من عبادة سليمان أن يعتكف في بيت المقدس المدد الطوال، فلما دنا أجله لم يصبح إلا رأى في محرابه شجرة نابتة قد أنطقها الله سبحانه فسألها لأي شيء أنت؟ فتقول: لكذا، حتى أصبح ذات يوم فرأى الخروبة، فسألها فقالت: نبت لخراب هذا المسجد، فقال: ما كان الله ليخربه وأنا حي أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس، فنزعها وغرسها في حائط له وقال: اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم الناس أنهم لا يعلمون الغيب، وقال لملك الموت: إذا أمرت بي فأعلمني، فقال: أمرت بك وقد بقي من عمرك ساعة، فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب، وقام يصلي متكئا على عصاه فقبض روحه وهو متكئ عليها، فمر به شيطان فلم يسمع صوته، فنظر فإذا سليمان قد خر ميتا، ففتحوا عليه فإذا العصا قد أكلتها الأرضة، وأرادوا أن يعرفوا ذلك فوضعوا الأرض على العصا فأكلت منها يوم وليلة مقدارا فحسبوه فوجدوه قد مات منذ سنة وكانوا يعملون بين يديه ويحسبونه حيا، فأيقن الناس أنهم لو علموا الغيب ما لبثوا في العذاب المهين سنة، وروي أن سليمان ملك الأمر وهو ابن ثلاث عشرة سنة، فبقي في ملكه أربعين سنة، ثم ذكر ما أنعم به على سبأ وكانوا بنعمة، وروي أن الله بعث اليهم ثلاثة عشر نبيا يدعونهم إلى الله تعالى ويذكرونهم نعمته عليهم فكذبوهم.

Halaman tidak diketahui