[النجم: 13-15] سميت بذلك لما روي عن ابن عباس قال: تأوي إليها أرواح الشهداء، وقيل: هي عن يمين العرش { وأما الذين فسقوا } خرجوا من الطاعة { فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها } كلما كادوا يخرجوا لأنها ترفعهم بلهبها ضربوا بمقامع حتى يهووا فيها، وقيل: كلما قصدوا أن يخرجوا منعوا من ذلك { وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون } { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } ، قيل: مصائب الدنيا ومحنها، وقيل: القتل يوم بدر، وقيل: العذاب في القبر، وقيل: الأخدود { لعلهم يرجعون } أي يتوبون عن الكفر ولعلهم يريدون الرجوع ويطلبونه، فإن قيل: كيف يصح قوله: { لعلهم يرجعون }؟ قالوا: معناه وعدهم بها وأخبرهم دون العذاب الأكبر وهو يوم القيامة { ومن أظلم } أي لا أظلم أعظم { ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون } بإحلال العذاب بهم.
[32.23-30]
{ ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه } ، قيل: لا تكن في شك من لقاء الأذى كما لقي موسى، ومعناه آتينا موسى مثل ما آتيناك من الكتاب ولقيناه مثل ما لقيناك من الوحي، فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله وجعلنا الكتاب المنزل على موسى هدى لقومه { وجعلنا منهم أئمة يهدون } الناس ويدعون إلى ما في التوراة من دين الله وشرائعه { لما صبروا } لصبرهم وايقانهم بالآيات، وكذلك لنجعلن الكتاب المنزل اليك هدى ونورا ولنجعلن من أمتك أمة يهدون مثل تلك الهداية لما صبروا عليه من نصر الدين ثم ثبتوا عليه من اليقين، وقيل: من لقائك موسى ليلة الإسراء ويوم القيامة وقرئ لما صبروا أي بصبرهم { وكانوا بآياتنا يوقنون } { إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة } أي يقضي ويحكم { فيما كانوا فيه يختلفون } قيل: من أمور دينهم، وقيل: من أعمالهم { أو لم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون } وهم عاد وثمود وقوم لوط { يمشون في مساكنهم } يعني أهل مكة يمرون في متاجرهم وبلادهم { إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون } { أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز } اليابسة التي لا نبات عليها، وأكثر المفسرين على أنها عامة في الأرض، وعن ابن عباس: هي أرض اليمن والله أعلم { فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم } من ذلك الزرع، أنعامهم كالابل والبقر والغنم { وأنفسهم } من حبه { أفلا يبصرون } وهذا توبيخ على ترك النظر والتدبير { ويقولون متى هذا الفتح } أي في أي وقت يكون { إن كنتم صادقين } في أنه كائن، و { يوم الفتح } يوم القيامة وهو يوم الفصل بين المؤمنين وأعدائهم ويوم نصرهم عليهم، وقيل: هو يوم بدر، وعن المجاهد والحسن: يوم فتح مكة، وقيل: يوم القيامة، قال الحاكم: وهو الوجه { لا ينفع الذين كفروا إيمانهم } لأنهم يضطرون إلى ذلك ولا ينفعهم، فإن قلت: فمن فسره بيوم الفتح أو يوم بدر كيف يستقيم على تفسيره ألا ينفعهم الإيمان؟ قلت: أن المراد أن المقتولين منهم لا ينفعهم إيمانهم في حال القتل كما لم ينفع فرعون ايمانه عند إدراك الغرق { فأعرض عنهم } إعراض استحقاق { وانتظر } ما ينزل بهم، أو انتظر النصرة عليهم وهلاكهم { إنهم منتظرون } الغلبة عليكم وهلاككم ومعناه فانتظر بهؤلاء هلاكهم فإنهم أحقاء بأن ينتظر هلاكهم، يعني أنهم هالكون لا محالة، أو انتظر ذلك فإن الملائكة في السماء ينتظرونه.
[33 - سورة الأحزاب]
[33.1-3]
{ يا أيها النبي اتق الله } الآية نزلت في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل قدما المدينة بأمان ونزلوا على عبد الله بن أبي ودخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسألوه أن يرفض ذكر آلهتهم، وأن يقول أن لها شفاعة لمن عبدها وندعك وربك، فشق ذلك عليه وقال لهم عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه، وقيل: نزلت في وفد من ثقيف طلبوا أن يمتعهم باللات والعزى، قوله: { اتق الله } خطاب له (صلى الله عليه وآله وسلم) والمراد المكلفين، وقوله: اتق الله معناه داوم على التقوى { ولا تطع الكافرين والمنافقين } لا تساعدهم على شيء ولا تقبل لهم رأيا ولا مشورة فإنهم أعداء الله وأعداء الدين والمؤمنين { إن الله كان عليما حكيما } بالصواب من الخطأ والمصلحة من المفسدة، وقوله: { حكيما } لا يفعل شيئا ولا يأمر به إلا بداعي الحكمة { واتبع ما يوحى إليك } في ترك طاعة الكافرين والمنافقين وغير ذلك، يعني ما يوحى اليك من القرآن والشرائع واعمل به { إن الله كان بما تعملون خبيرا } فيجازي كل أحد بعمله { وتوكل على الله } وأسند أمرك إليه { وكفى بالله وكيلا } حافظا موكولا إليه كل أمر.
[33.4-8]
{ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } نزلت في معمر كان رجلا من أحفظ العرب، وقيل: هو جميل بن أسيد الفهري، وكان يقول: لي قلبين أفهم بأحدهما أكثر مما يفهم محمد، فروي أنه انهزم يوم بدر فمر بأبي سفيان وهو معلق إحدى نعليه في يده والأخرى في رجله فقال له: ما فعل الناس؟ فقال: هم ما بين مقتول وهارب، فقال: ما بال إحدى نعليك في رجلك والأخرى في يدك؟ فقال: ما ظننت إلا أنهما في رجلي، فأكذب الله قوله وقولهم، وعن ابن عباس: كان المنافقون يقولون: لمحمد قلبان فأكذبهم الله تعالى، وقيل: سها في صلاته فقال اليهود: له قلبان قلب مع أصحابه وقلب معكم { وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن } الآية نزلت في قصة أوس بن الصامت وامرأته خولة بنت ثعلبة لما ظاهر منها وقصته في المجادلة، وكان ذلك طلاق الجاهلية يقول الرجل: أنت علي كظهر أمي، فإنها لا تحرم كتحريم الأم ولكن تكون معصية وفيه الكفارة وللظهار أحكام يذكرها الفقهاء { وما جعل أدعياءكم } يعني من تدعونه ولدا وهو ثابت النسب من غيركم لا يصير ولدا، والآية نزلت في زيد بن حارثة وكان عبدا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأعتقه فلما تزوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) زينب بنت جحش وكانت قبل ذلك عند زيد قالت اليهود والمنافقون تزوج محمد بامرأة ابنه فأنزل الله هذه الآية: { ذلكم قولكم بأفواهكم } هذا ابني لا غير تقولون بألسنتكم ما لا حقيقة له { والله يقول الحق وهو يهدي السبيل } يدل على طريق الحق { ادعوهم لآبائهم } أي انسبوهم إلى آبائهم الذين ولدوا على فراشهم { هو أقسط عند الله } أعدل في القول: لأن الانسان نسابته إلى المدعي كذب { فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين } لأن المؤمنين أخوة { ومواليكم } في أصدقائكم، وقيل مواليكم في وجوب النصرة { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } يعني إذا نسبتم أحدا إلى الجد ظنا منكم أنه أباه فلا حرج { ولكن ما تعمدت قلوبكم } فنسبتموه إلى غيركم مع علمكم بخلافه فإذا كان خطأ فلا حرج { وكان الله غفورا رحيما } لعفوه عن الخطأ، عن العمد إذا تاب العامد { النبي أولى بالمؤمنين } في كل شيء من أمور الدين والدنيا { من أنفسهم } ولهذا أطلق ولم يقيد فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم):
" ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة من نفسه، اقرأوا إن شئتم: { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم } "
{ وأزواجه أمهاتهم } نسبته لهن بالأمهات وفي بعض الأحكام وهو وجوب تعظيمهن واحترامهن وتحريم نكاحهن، قال الله تعالى:
Halaman tidak diketahui