225

Tafsir Al-Açqam

تفسير الأعقم

Genre-genre

{ الله الذي خلقكم } أحدثكم ابتداء { ثم رزقكم } أي أعطاكم أنواع النعم { ثم يميتكم ثم يحييكم } بعد الممات { هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء } أي يقدر على مثل ذلك { سبحانه } براءة له من الشرك { و } من كل شيء { تعالى } جده { عما يشركون } { ظهر الفساد في البر والبحر } نحو الجدب والقحط، وقلة الريع في الزراعات، والربح في التجارات، ووقوع الموتان في الناس والدواب، وكثر الغرق والحرق، ومحق البركات من كل شيء، وقلة المنافع في الجملة، وكثرة المضار، وعن الحسن: المراد بالبحر مدن البحر، وعن عكرمة: العرب تسمي الأمصار البحار، وعن ابن عباس: ظهر الفساد في البر بقتل ابن آدم أخاه، وفي البحر بأن جلندى كان يأخذ كل سفينة غصبا { بما كسبت أيدي الناس } كسبت معاصيهم وذنوبهم { ليذيقهم بعض الذي عملوا } قيل: عقوبات بعض الذي عملوا { لعلهم يرجعون } عن أفعالهم القبيحة { قل سيروا في الأرض } روي عن ابن عباس أنه قال: من قرأ القرآن وعلمه فهو سائر في الأرض يعني أنه فيه أخبار الأمم { فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل } من قبلهم من الأمم الماضية كيف أهلكهم الله { كان أكثرهم مشركين } { فأقم وجهك للدين القيم } اي استقم للدين القيم { من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله } أي لذلك اليوم { يومئذ يصدعون } أي يتفرقون فريق في الجنة وفريق في السعير { من كفر فعليه كفره } أي جزاء كفره { ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون } أي يفرشون ويسوون المضاجع في القبر والقيامة وهذا توسع، والمراد أن من أصلح عمله فالله يجزيه الجزاء الحسن { ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله } ، قيل: من عطائه لأنه وعد الثواب الكثير على العمل القليل { إنه لا يحب الكافرين } أي لا يريد كرامتهم خلاف المؤمنين { ومن آياته أن يرسل الرياح } أي من حججه الدالة على توحيده أن يرسل الرياح لا يقدر عليه أحد إلا { مبشرات } أي تبين بالمطر { وليذيقكم } يعطيكم { من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون } هذه النعم، قوله تعالى: { ولقد أرسلنا من قبلك } يا محمد { رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات } بالحجج { فانتقمنا من الذين أجرموا } أي أغفلناهم فأهلكناهم بسوء أفعالهم وفيه بشارة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه ينتقم له من أعدائه { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } { الله الذي يرسل الرياح } يعني هو القادر على إرساله { فتثير سحابا } أي تهيج سحابا وتجمعه { فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا } أي قطعا متفرقة أو متراكم بعضه ببعض { فترى الودق } المطر { يخرج من خلاله } من وسطه { فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون } { وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين } أي آيسين من نزول المطر { فانظر إلى آثار رحمة الله } أي المطر وانبات ما أظهر من النبات والأشجار { كيف يحيي الأرض بعد موتها } أي يحييها بالنبات والثمار بعد يبسها وجدوبتها فجعل اليبس والجدوبة بمنزلة الموت والنبات بمنزلة الحياة { إن ذلك لمحيي الموتى } يعني من كسى الأشجار وأخرج الثمار وكسى الأرض بأنواع النبات قادر على أن يحيي الموتى { وهو على كل شيء قدير } من البعث وغيره.

[30.51-60]

{ ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا } وهو العاصف، وقيل: رأوا سحابا مصفرا لا مطر فيه { لظلوا من بعده يكفرون } أي داموا على كفرهم ولم يرضوا بقضاء الله { فإنك لا تسمع الموتى } فيه تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتمهيلا بعذره يعني إنك كما تعجز عن استماع الموتى تعجز عن استماع هؤلاء { ولا تسمع الصم الدعاء } أي لا تملك إسماع الصم كذلك هؤلاء لأنهم بمنزلة الصم حين تهدي كذلك هؤلاء { إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا } لأنه ينتفع بما يتلى عليه ويتدبره { فهم مسلمون } أي منقادون لله بما يتدبرون ويعلمون، ثم عاد إلى ذكر الأدلة فقال سبحانه: { الله الذي خلقكم من ضعف } أي أوجدكم من نطفة { ثم جعل من بعد ضعف قوة } أي شبابا { ثم جعل من بعد قوة ضعفا } وهو حال الكبر والهرم { يخلق ما يشاء وهو العليم القدير } القادر على تصريفهم كيف يشاء وتقليبهم من حال إلى حال { ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون } أي يحلفون إظهار المذلة والصغر { ما لبثوا غير ساعة } قيل: في القبور، وقيل: بعد انقطاع عذاب القبر، وفيما بين فناء الدنيا إلى البعث، وفي الحديث:

" ما بين فناء الدنيا إلى البعث أربعون "

لا يعلم أهي أربعون سنة أم أربعون ألف سنة؟ وذلك وقت يقضون فيه وتنقطع عبراتهم، وقيل: في الدنيا وذلك لما عاينوا أمر الآخرة كأنهم قالوا ما الدنيا في الآخرة إلا ساعة { كذلك كانوا يؤفكون } يكذبون بالدنيا حيث أخبروا عما لم يعلموا { وقال الذين أوتوا العلم والإيمان } القائلون هم الملائكة والأنبياء والمؤمنون { لقد لبثتم في كتاب الله } في اللوح المحفوظ أو في علم الله وقضائه { إلى يوم البعث } ، قيل: ظنوا أن العذاب يتأخر عنهم عدة قليلة فبين لهم العلماء ان العذاب لا يتأخر عنهم { فهذا يوم البعث } حق { فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون } بأن يردوا إلى الدنيا ليتوبوا، وقيل: لأن يقبل معاذيرهم { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل } يعني أنه بالغ في البيان، وتصريف الآيات والأدلة، وضرب الأمثال، والوعد والوعيد، فلم ينقادوا ولا يطيعوا والله أعلم { ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون } { كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون } ، قيل: الطبع سمة يجعلها الله تعالى على قلوب الكافرين { فاصبر إن وعد الله حق } في نصرك وإظهار دينك، قوله تعالى: { ولا يستخفنك الذين لا يوقنون } ولا يحملنك على الخفة والقلق جزعا مما يقولون ويفعلون فإنهم ضالون شاكون، وقوله: { لا يوقنون } بما أخبر الله تعالى به.

[31 - سورة لقمان]

[31.1-9]

{ الم } قد بينا ما قالوا، وعن الحسن وأبي علي: إنه اسم للسورة، وقيل: مفتاح اسم الله عن ابن عباس، وذكر أنها إشارة إلى أن القرآن من هذه الحروف وأنتم تتكلمون بها ثم عجزتم عنها لتعلموا أنه معجزة { تلك آيات الكتاب } الذي وعدت به في التوراة، والكتاب القرآن { الحكيم } يعني المحكم ليس فيه ما ينقضه، وقيل: حكيم لأنه بين الحق من الباطل { هدى } أي دلالة { ورحمة } أي نعمة لأنه من عمل بما فيه نال الثواب الدائم { للمحسنين } أعمالهم { الذين يقيمون الصلاة } ويؤتون الزكاة أي يعطون حقوق أموالهم الواجبة { وهم بالآخرة } أي بالذات الآخرة يعني بالبعث والنشور والجزاء { يوقنون } لا يشكون فيه { أولئك على هدى من ربهم } أي على دين مستقيم يهديهم إلى الجنة { وأولئك هم المفلحون } الظافرون بالبغية والغرض وهو الثواب الدائم { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } الآية نزلت في النضر بن الحارث اشترى كتابا فيه أخبار الأعاجم وحدث بها قريشا، وقيل: كان يحدثهم بحديث عاد وثمود، وقيل: النضر يوم بدر اشترى ذات لهو، وقيل: اشترى حديث الباطل بحديث الحق { ليضل عن سبيل الله } ليضل الناس عن الدين ويمنعهم من قراءة القرآن وذكر الله { بغير علم } أي بغير حجة { ويتخذها هزوا } الهاء كناية عن جميع ما تقدم عن ذكر الصلاة والزكاة { أولئك لهم عذاب مهين } مذلة { وإذا تتلى عليه آياتنا } قيل: القرآن { ولى مستكبرا كأن لم يسمعها } أي لم يقبلها { كأن في أذنيه وقرا } ثقلا { فبشره بعذاب أليم } { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم خالدين فيها } أي مؤبدون فيها لا يموتون ولا يخرجون { وعد الله حقا } لا خلف فيه { وهو العزيز } القادر الذي لا يمتنع عليه شيء { الحكيم } في أفعاله.

[31.10-15]

{ خلق السماوات بغير عمد ترونها } قيل: ترونها بغير عمد يعني لا عمد لها وأنه عمدها بعمد لا يرى وهو إمساكها بقدرته { وألقى في الأرض رواسي } أي جبالا { أن تميد بكم } كيلا تضطرب وتتحرك يمينا وشمالا { وبث فيها من كل دابة } ما يدب على الأرض من أنواع الحيوان { وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم } حسن { هذا خلق الله } ما تقدم ذكره { فأروني ماذا خلق الذين من دونه } يعني آلهتكم الذين عبدتموها وسميتموها آلهة وهي لا تستحق ذلك { بل الظالمون في ضلال مبين } { ولقد آتينا لقمان الحكمة } لقمان بن باعورا ابن أخت أيوب أو ابن خالته، وقيل: كان من أولاد آزر، وعاش ألف سنة وأدرك داوود (عليه السلام)، وقيل: كان خياطا، وقيل: نجارا، وقيل: كان داعيا، وأكثر الأقاويل أنه كان حكيما، وروي أنه كان نبيا، وقيل: خير بين النبوة والحكمة، وروي أنه كان عبدا أسود غليظ الشفتين، وروي أن رجلا وقف عليه في مجلسه فقال: ألست الذي ترعى في مكان كذا؟ قال: بلى، قال: ما بلغ بك ما أرى؟ قال: صدقت الحديث والصمت عما لا يعنيني، وروي أنه دخل على داوود (عليه السلام ) وهو يسرد الدروع وقد لين الله له الحديد كالطين فأراد أن يسأله فأدركته الحكمة فسكت، فلما أتمها لبسها وقال: نعم لبوس الحرب أنت، وروي أن مولاه أمره بذبح شاة وأن يخرج منها أطيب مضغتين فأخرج اللسان والقلب، ثم أمره بمثل ذلك بعد أيام فأخرج اللسان والقلب، فسأله عن ذلك فقال: هما أطيب ما فيها إذا طابا وأخبث ما فيها إذا خبثا { أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه } أي نفعه له { ومن كفر فإن الله غني } عن الشاكرين وعن كل شيء لا يجوز عليه الحاجة { حميد } أي محمود فلا يجب الحمد إلا لله فله الحمد كثيرا دائما { وإذ قال لقمان لابنه } قيل: اسم ابنه أنعم، وقيل: أشكم، وقيل: ابنه وامرأته كافرين فما زال بهما حتى أسلما { وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم } معناه لا تشرك بالله بأن تعبد معه غيره { ووصينا الإنسان بوالديه } الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص حلفت أمه لا تأكل طعاما حتى يرجع عن دين محمد فلما رأته بعد ثلاثة أيام لا يرجع عن الإسلام أكلت، ومعنى وصيناه أمرناه بطاعة الوالدين وشكرهما { حملته أمه وهنا على وهن } أي ضعفا على ضعف أو شدة بعد شدة، وقيل: الولد وصعق الأم { وفصاله في عامين } أي فطامه { أن اشكر لي } على نعمتي { ولوالديك } على نعمتهما { إلي المصير } إلى حكمي المرجع، وروي عنه أنه قال: من صلى صلاة الخمس فقد شكر الله، ومن دعا للوالدين عقيب الصلاة فقد شكر الوالدين { وإن جاهداك } على الكفر { أن تشرك بي ما ليس لك به علم } إشارة إلى بطلانه { فلا تطعهما } في ذلك { وصاحبهما في الدنيا معروفا } يعني إذا كانا كافرين فلا تترك برهما وأحسن عشرتهما في أمور الدنيا وإن وجب مخالفتهما في الدين، فأما أبواب الدين: { واتبع سبيل من أناب إلي } أي سلك طريق العلماء وطريق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) { إلي مرجعكم } أي إلى حكمي { فأنبئكم بما كنتم تعملون } أي بأعمالكم.

Halaman tidak diketahui