Tafsir Al-Açqam

Acqam d. 850 AH
175

Tafsir Al-Açqam

تفسير الأعقم

Genre-genre

[20.9-36]

{ وهل أتاك حديث موسى } يعني قد أتاك خبره { إذ رأى نارا } ، قيل: أن موسى استأذن شعيبا في الخروج إلى الله فأذن له وخرج بأهله، فولدت له في الطريق ابنا في ليلة شاتية مظلمة مثلجة، وقد ضل الطريق، وتفرقت ماشيته وما عنده، فقدح النار فلم يور، فأبصر نارا من بعيد عن يساره وكان ذلك ليلة الجمعة { فقال لأهله } امرأته { امكثوا } أقيموا مكانكم وهي بنت شعيب { إني آنست } أبصرت { نارا لعلي آتيكم منها بقبس } النار المقبسة من رأس عود أو فتلة أو غيرها { أو أجد على النار هدى } أي أجد قوما يهدوني في الدين أو يعرفوني الطريق { فلما أتاها } أتى النار، قيل: رأى شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها تستوقد فيها نارا بيضاء ويسمع تسبيح الملائكة، وقيل: كان نورا ولم يكن نارا، وقيل: النار والنور واحد، وقيل: لما رأى ذلك تحير وتعجب وعلم أنه معجز العادة فقال سبحانه: { نودي } أي ناداه الله تعالى وقال: { يا موسى إني أنا ربك } ، وقيل: لما كلمه الله قال: من المتكلم؟ قال الله: { إني أنا ربك } ، فإن قيل: كيف أسمعه كلامه؟ قالوا: الكلام فعل المتكلم فخلق الله النداء في الشجرة، وقيل: رأى نورا عظيما فخاف فألقيت عليه السكينة ثم نودي وكانت الشجرة عوسجة، وروي أن إبليس وسوس اليه لعلك تسمع كلام شيطان، فقال: أنا أعرف أنه كلام الله بأني أسمعه من جميع جهاتي الست، وأسمعه بجميع أعضائي { فاخلع نعليك } ، قيل: أمر بخلع نعليه لأنهما كانا من جلد حمار ميت غير مدبوغ، وقيل: ليباشر الوادي بقدميه متبركا، وقيل: لأن الحفرة تواضع لله، ومن ثم طاف السلف بالكعبة، وروي أنه خلع نعليه وألقاهما وراء الوادي، ومنهم من استعظم دخول المسجد بنعليه { إنك بالواد المقدس } المبارك، وقيل: المطهر { طوى } ، قيل: اسم الوادي { وأنا اخترتك } للرسالة { فاستمع لما يوحى } ، ثم ابتدأ بالتوحيد فقال: { إنني أنا الله لا إله إلا أنا } أمره أن يبلغ ذلك قومه { فاعبدني وأقم الصلاة لذكري } فيها بالتسبيح والتعظيم، وقيل: لأن اذكر بالمدح والثناء { إن الساعة آتية } لا محالة { أكاد أخفيها } وأكاد صلة، وقيل: أكاد أريد كقوله: { كدنا ليوسف } أي أردنا، والإخفاء هو الإسرار، يقال: خفيت الشيء { لتجزى كل نفس بما تسعى } من خير وشر { فلا يصدنك } عن الساعة { من لا يؤمن بها } لا يمنعك بالإيمان بالساعة من لا يؤمن بالساعة { واتبع هواه فتردى } فتهلك { وما تلك بيمينك } إنما سأله ليريه عظيم ما يخترعه عز وعلا من الخشبة اليابسة من قلبها حية وكانت لها شعبتان وفي أسفلها سنان، وقيل: كانت من أوس الجنة أخرجها آدم (عليه السلام) وتوارثوه إلى أن بلغ شعيبا فدفعها إلى موسى { أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي } أخبط بها ورق الأشجار لترعاها غنمي { ولي فيها مآرب أخرى } قال جار الله: كانت ذات شعبتين ومحجن فإذا طال الغصن جناه بالمحجن، وإذا طلب كسره لواه بالشعبتين، وإذا سار ألقاها على عاتقه فعلق بها أدواته من القوس والكنانة، وكان يقاتل بها السباع، وروي أنه كان يستسقي بها فتطول طول البئر فتصير شعبتاها دلوا، ويكونان بالليل وإذا ظهر عدو حاربت عنه، وإذا اشتهى ثمرة ركزها فأورقت وأثمرت، وكان يحمل عليها رداءه وسقاءه فجعلت تماشيه، وإذا سار في البرية ركزها واستظل، كل ذلك معجزات ظهرت فيها { قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى } تمشي بسرعة، وقيل: صارت حية صفراء لها عرف كعرف الفرس، وجعلت تورم حتى صار ثعبانا وهو أكبر ما يكون من الحيات عن ابن عباس { قال خذها } يا موسى { ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى } أي في حال ما كانت عصا { واضمم يدك إلى جناحك } وجناحا الإنسان جانباه والأصل المستعار منه جناحي الطير، والمراد إلى جنبك تحت العضد { تخرج بيضاء من غير سوء } كناية عن البرص، وروي أنه كان آدم فأخرج يده من المدرعة بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس أي خذ هذه الآية بعد العصا حية { لنريك } لهاتين الآيتين بعض { من آياتنا الكبرى } ولما الرسالة وأداة المعجزة أمره بالتبليغ فقال: { اذهب إلى فرعون إنه طغى } تعدى { قال رب اشرح لي صدري } يعني وسع لي صدري حتى لا أضجر { ويسر لي أمري } أي سهل علي أدنى ما كلفتني { واحلل عقدة من لساني } وكان في لسانه عقدة، وعن ابن عباس كان في لسانه رته لما روي في حديث الجمرة، واختلف في زوال العقدة بكمالها فقيل: بقي بعضها لقوله: { وأخي هارون هو أفصح مني لسانا } ، وقوله: { ولا يكاد يبين } وكان في لسان الحسين (رضي الله عنه) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

" ورثها من عمه موسى "

وقيل: زالت لقوله: { قد أوتيت سؤلك يا موسى } { واجعل لي وزيرا من أهلي } الوزير من الوزرة لأنه يتحمل عن الملك أوزاره ومؤنه، ومن الوزر لأن الملك يعتصم برأيه، أو من المؤازرة وهي المعاونة { هارون أخي أشدد به أزري } وكان أخاه لأبيه وأمه، وكان بمصر، وأشركه الله تعالى بينهما في النبوة، سأله موسى خمسة: شرح الصدر وتيسير الأمر واحلل عقدة واجعل لي وزيرا من أهلي أي ظهيرا معينا وخامسها بين ما هو فقال هارون أخي، فأجابه الله تعالى: و { قال قد أوتيت سؤلك يا موسى } وروي في العقدة قيل: جمرة طرحها في فيه لأنه أخذ بلحية فرعون فنتفها، فهم بقتله فقالت آسية: إنه صبي لا يعقل وعلامته أن تقرب له التمرة والجمرة، فقربا فأخذ بالجمرة فجعلها في فيه، وقيل: أن جبريل حول يده من التمرة إلى الجمرة. الأزر: القوة وآزره قواه، أي اجعله شريكي في الرسالة حتى نتعاون على عبادتك وذكرك { كي نسبحك } ننزهك عما لا يليق عليك { ونذكرك كثيرا } نحمدك ونثني عليك، وبين تعالى أنه أجاب موسى إلى ما سأله وأنعم عليه مع سائر نعمه من قبل، فقال سبحانه: { قد أوتيت سؤلك يا موسى } مرادك وطلبتك.

[20.37-44]

{ ولقد مننا عليك } نعما متوالية، فقال سبحانه: { إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى } الوحي إليها إما أن يكون على لسان نبي في وقتها كقوله:

وإذ أوحيت إلى الحواريين

[المائدة: 111]، وقيل: كانت رؤيا في المنام أو تلهمها كقوله:

وأوحى ربك إلى النحل

، ثم فسر ذلك الوحي فقال: { أن اقذفيه في التابوت } ، قيل: سمع فرعون ممن قرأ الكتب، وقيل: من الكهنة، وقيل: رأى رؤيا فعبر له أن زوال ملكه على يدي رجل من بني إسرائيل، فأخذ في ذبح الأولاد وشد في ذلك، وروي أنه وكل بكل حامل قبطية تحفظها، فلما ولدت أم موسى حفظته في التابوت وألقته في اليم، وروي أنها وضعت في التابوت عطبا محلوجا فوضعته فيه، وقيل: أن الذي صنع التابوت مؤمن من آل فرعون اسمه حزقيل { فاقذفيه في اليم } في البحر { فليلقه اليم بالساحل } يعني شاطئ البحر { يأخذه عدو لي وعدو له } كموسى وهو فرعون، وروي أنها وضعته في التابوت وجصصته وقبرته ثم ألقته في اليم، وكان يسرع منه إلى بستان فرعون نهر كبير، فبينما هو جالس على رأس بركته مع آسية إذ بالتابوت فأمر به فأخرج ففتح فإذا صبي أصبح الناس وجها، فأحبه عدو الله حبا شديدا لا يتمالك أن يصبر عنه { وألقيت عليك محبة } خالصة أو واقعة { مني } في القلوب، فلذلك أحبك فرعون وكل من أبصرك، روي أنها كانت على وجهه مسحة جمال، وفي عينيه ملاحة ولا يكاد يصبر عنه من رآه { ولتصنع على عيني } أي لتغذى على محبتي وإرادتي، وهذا من فصيح الكلام { إذ تمشي أختك } ، قيل: بعثتها أمها لتنظر حال التابوت، وكان الناس يدخلون ولا يمنعون { فتقول هل أدلكم على من يكفله } لما امتنع من ثدي أحد قالت أخته واسمها مريم: هل أدلكم على امرأة ترضعه وتربيه؟ فقالوا: نعم، فجاءت بالأم فقبل ثديها فذلك قوله: { فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها } الآية { وقتلت نفسا } وهو القبطي الذي استغاثه عليه الاسرائيلي، قتله وهو ابن اثني عشر سنة { فنجيناك من الغم } لأنه اغتم بسبب القتل خوفا من عقاب الله ومن اقتصاص فرعون، فغفر الله له ذلك { وفتناك فتونا } اخترناك اختيارا { فلبثت سنين في أهل مدين } وذلك حين رعى لشعيب عشر سنين، وروي أن بين مدين ومصر ثمان مراحل { ثم جئت على قدر يا موسى } يعني موعد وهو القدر الذي قدره الله لكلامك ونبوتك { واصطنعتك } اخترتك للرسالة { لنفسي } رسولا { اذهب أنت وأخوك بآياتي } بالعصا واليد، وقيل: التسع الآيات { ولا تنيا } ، قيل: لا تضعفا ولا تبطئا { اذهبا إلى فرعون إنه طغى } جاوز الحد والعصيان { فقولا له قولا لينا } يعني ارفقا بالدعاء ولا تغلظا له، قيل: كان هارون بمصر فلما أوحى إلى موسى أن يأتي مصرا أوحى إلى هارون أن يلقى موسى، فلقاه على مرحلة واجتمعا وذهبا إلى فرعون { لعله يتذكر } والترجي لهما أي اذهبا على رجائكما وطمعكما، وباشرا الأمر مباشرة من يرجو أو يطمع أن يثمر عمله ولا يخيب عمله، وأرسلهما إليه مع علمه بأنه لا يؤمن إلزاما للحجة وقطعا للمعذرة.

Halaman tidak diketahui