Tafsir Al-Açqam

Acqam d. 850 AH
145

Tafsir Al-Açqam

تفسير الأعقم

Genre-genre

{ الله يعلم ما تحمل كل أنثى } يعني ذكر أو أنثى واحد أو أكثر يتم أو لا يتم { وما تغيض الأرحام وما تزداد } ما ينقص عن مدة الحمل وهي تسعة أشهر { وما تزداد } على تسعة أشهر من السنة والسنتين، وقيل: ما تغيض عن الواحد من الأخداج والاسقاه، وما تزداد على الواحد والاثنين، وقد يشتمل على واحد، وقد يشتمل على اثنين وثلاثة وأربعة، وروي أن شريكا كان رابع أربعة في بطن أمه، وعن الشافعي قد يكون إلى أربع سنين وإلى خمس عند مالك { وكل شيء عنده بمقدار } من الأرزاق والآجال، وقيل: هو عام في كل شيء { عالم الغيب } أي السر { والشهادة } ما ظهر { الكبير } الشأن فكل دونه { المتعال } المستعلي على كل شيء بقدرته. { سواء منكم من أسر القول } كتم وأخفى { ومن جهر به } أي أظهر { ومن هو مستخف بالليل } أي مستتر بالظلمات { له معقبات من بين يديه ومن خلفه } الآية نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أتى عامر بن الطفيل وأربد بن قيس هما بقتله فكفاهما الله تعالى فهلك أربد بالصاعقة وعامر، وقيل: هو عام يعني جماعات من الملائكة يعتقب في حفظه بأمر الله تعالى، وهي قراءة علي وابن عباس لأن بعضهم يعقب بعضا أو لأنهم يعقبون ما يتكلم به فيكتبونه { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } من العافية والنعمة والحالة الجميلة بكثرة المعاصي، وقيل: حتى يغيروا ما بأنفسهم من الطاعة فيجعلونها معصية { وإذا أراد الله بقوم سوءا } أي عذابا { فلا مرد له } أي لا يرده أحد { وما لهم من دونه من وال } ، قيل: ملجأ، وقيل: ما يلي أمرهم ويمنع عنهم العذاب { هو الذي يريكم البرق } وهو النار التي خلقها الله في السحاب، وعن ابن عباس أن اليهود سألت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الرعد ما هو؟ فقال:

" ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب "

وعن الحسن خلق من خلق الله تعالى ليس بملك، وقيل: الرعد هو صوت ذلك الملك { خوفا } من الصواعق { وطمعا } في الغيث، وقيل: خوفا للمسافر وطمعا للمقيم { ويسبح الرعد بحمده } ، قيل: الرعد هو الصوت المسموع من ناحية السحاب، وقيل: الرعد اسم الملك وكذلك البرق { والملائكة من خيفته } أي من خيفة الله سبحانه يعني ينزهون الله تعالى ويحمدونه خوفا من عقابه { ويرسل الصواعق } أي ينزلها من السماء وهي النار الساقطة { فيصيب بها من يشاء } أي يهلك { وهم يجادلون في الله } أي يحاجون أهل التوحيد، وقيل: كان جدالهم قولهم أنه ذهب أو فضة، وقيل: جدالهم قولهم في القرآن والرسول سحر { وهو شديد المحال } أي شديد القوة، وقيل: الأخذ والانتقام.

[13.14-18]

{ له دعوة الحق } وهي كلمة الاخلاص شهادة أن لا إله إلا الله { والذين يدعون من دونه } أي تعبدون من دون الله لأنكم دعوتم الأوثان أربابا { لا يستجيبون لهم بشيء } أي لا يجيبكم بشيء مما تدعون { إلا كباسط كفيه إلى الماء } استثناء من الإجابة، يعني الاستجابة كإجابة باسط كفيه إلى الماء يطلب منه أن يبلغ فاه، والماء جماد لا يشعر ببسط كفيه ولا بعطشه ولا حاجته إليه، ولا يقدر أن يجيب دعاءه ويبلغ فاه، وكذلك ما يدعونه جماد لا يحس بدعائهم ولا يستطيع إجابتهم ولا يقدر على نفعهم، وقيل: كعطشان على سقاية ولا دلو معه يمد يده إلى البئر فلا يبلغ الماء ولا يرتفع الماء اليه، كذلك الأوثان لا يجيبونهم ولا ينفعونهم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) { وما دعاء الكافرين إلا في ضلال } أي هلاك { ولله يسجد } أي ينقاد لإحداث ما أراد من أفعاله شاؤوا أم أبوا { من في السماوات والأرض } لا يقدرون أن يمتنعوا عليه، وتنقاد له أيضا { ظلالهم } حيث يتصرف على مشيئته في الامتداد، وقيل: سجود الملائكة والمؤمنين { طوعا وكرها } من أكره على الايمان، وقيل: هم المنافقون والكافرون، وقيل: المراد بالسجود قهر الله الأشياء لما أراد، وإن لم يسجدوا سجود عبادة، وقد قيل: كل شيء من كل جنس يسجد لله، وقيل: سجوده دلالة على الوحدانية وظل الكافر يسجد طوعا وهو كاره وظل المؤمن يسجد طوعا وهو مطيع روي ذلك في الغرائب { بالغدو والآصال } قيل: بالغدوة والعشي وهو بين العصر والمغرب { قل } يا محمد لهؤلاء الكفار { من رب السماوات والأرض } يعني خالقهما ومدبرهما فلا يمكنهم أن يقولوا الأصنام فقل أنت هو الله { قل أفاتخذتم من دونه أولياء } ، قيل: أربابا { لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا } فكيف ينتفع غيرها { قل هل يستوي الأعمى والبصير } كذلك لا يستوي المؤمن والكافر { أم هل تستوي الظلمات والنور } أي لا تستوي ظلمات الجهل ونور العلم والهدى { أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم } يعني هذه الأصنام قد خلقوا مثل خلق الله فتشابه عليهم خلق الله وخلقهم فدل على أنه المستحق للعبادة دونها لأنهم لم يخلقوا شيئا، قوله تعالى: { أنزل من السماء } ثم ضرب سبحانه مثلين: الحق والباطل، أحدهما الماء وما يعلوه من الزبد، والثاني ما يوعد عليه في النار من الذهب والفضة وما يعلوه من الزبد، فقال سبحانه: أنزل من السماء وهو يعود إلى ما قبله من السماء يعني من السحاب، وقيل: من جانب السماء، وقيل: من سماء الملائكة { ماء } مطرا { فسالت أودية } جمع واد وهو الموضع الذي يسيل فيه الماء بكثرة فسالت أي جرت بمعنى جرى الماء في الأودية { بقدرها } يعني بقدر الأودية في الكبر والصغر { فاحتمل السيل } يعني الماء الذي سال في الوادي { زبدا } وهو الخشب الذي يعلوه { رابيا } أي عاليا عليه مرتفعا فوق الماء فشبه الحق والاسلام بالماء الصافي النافع للخلق والباطل بالزبد الذاهب { ومما يوقدون عليه في النار } وهو الذهب والفضة والرصاص زبد مثله مثل زبد السيل فمثل الحق والقرآن كمثل الصافي من هذه لأنه ينتفع به، ومثل الباطل كمثل الزبد { ابتغاء حلية } يريد ما يتخذ من الذهب والفضة كحلية السيف والدواة والمركب وحلية النساء { أو متاع } يريد ما يتخذ من النحاس والرصاص والصفر والحديد من الأواني وغيرها { زبد مثله } يريد أن هذه إذا غليت بالنار تزبد كما يزبد الماء { كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد } الذي على السيل والجواهر { فيذهب جفاء } باطلا ذاهبا متفرقا بحيث لا ينتفع به وهو ما جفاه الوادي أي رمى به { وأما ما ينفع } الناس { فيمكث في الأرض } وهو الماء الصافي ينتفع به الناس كذلك الحق يثبت وينتفع به صاحبه والباطل يذهب باطلا { كذلك يضرب الله الأمثال } يعني يبين الحق والباطل، قيل: تمام الكلام عند قوله الأمثال ثم استأنف الكلام بقوله تعالى: { للذين استجابوا } ، وقيل: بل متصل بما قبله لأنه قال الذي هو مثل المستجيب فالذي يذهب جفاء مثل من لا يستجيب، وقوله: { للذين استجابوا لربهم } أي أجابوا دعوة الله وآمنوا به وأطاعوه { الحسنى } قيل: الجنة { والذين لم يستجيبوا له } ولم يؤمنوا له { لافتدوا به } أي لجعلوا ذلك بدل أنفسهم فداء من العذاب ولا يقبل ذلك منهم { أولئك لهم سوء الحساب } يعني يؤاخذون بالذنوب صغيرها وكبيرها ولا يغفر لهم شيء { ومأواهم جهنم وبئس المهاد } أي بئس الفراش والمصير.

[13.19-24]

{ أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى } أي لا يستوي من يعلم الحق ومن لا فهو بمنزلة الأعمى { إنما يتذكر أولو الألباب } أي ذوو العقول { الذين يوفون بعهد الله } أي يودون عهوده، قيل: أوامره ونواهيه، وقيل: عهوده كما يلزم العبد عقلا وسمعا، والعقليان كالتوحيد والعدل وما شاكله من الواجبات والشرعيات كأوامر الشرع ونواهيه { ولا ينقضون الميثاق } ، قيل: لا يبدلون ولا يرجعون، وقيل: ميثاق الرسول وهو ما حلفوا له، والميثاق ما وثقه المكلف على نفسه مما لزمه { والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } ، قيل: المراد به الإيمان بجميع الكتب والرسل، وقيل: بل صلة الأرحام، وقيل: بل هو ما يلزم من صلة المؤمنين بالتوالي والحفظ والذب عنهم في باب الدين فيدخل فيه صلة الرحم وغيره، قال القاضي: وهو الوجه { ويخشون ربهم } أي عقابه { ويخافون سوء الحساب } أي مناقشته { والذين صبروا } على طاعة الله وعن معصيته، وقيل: على المصائب والنوائب، وقيل: في الجهاد للأعداء، وقيل: هو الصبر المطلق وهو فيما يصبر عليه من المصائب في النفوس والأموال ومشاق التكليف { ابتغاء وجه ربهم } أي لا ليقال ما أصبره وأحمله للنوازل وأوقره عند الزلازل ولا لئلا يعاب بالجزع ولئلا تشمت به الأعداء كقوله : وتجلدي للشامتين لاريهم... الخ.

{ وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية } يتناول النوافل لأنها في السر أفضل والفرائض لوجوب المظاهرة بها { ويدرؤن بالحسنة السيئة } ، قيل: يدفعونها، وعن الحسن هم الذين إذا حرموا أعطوا، وإذا ظلموا عفوا، وإذا قطعوا وصلوا، وعن ابن كيسان: هم الذين إذا أذنبوا تابوا، وإذا رأوا منكرا أمروا بتغييره { أولئك لهم عقبى الدار } عاقبة الدنيا وهي الجنة لأنها التي أراد الله أن تكون عاقبة الدنيا { جنات عدن } مدينة الجنة فيها الأئمة والأنبياء والشهداء والصديقون { يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم } أي من كان صالحا في الدين { وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } من أبواب الجنة، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

" أبواب الجنة ثمانية باب الصلاة، وباب الزكاة، وباب الصوم، وباب الصبر "

قوله تعالى: { سلام عليكم } بشارة منهم للمؤمنين بالسلامة والكرامة، قيل: السلام منهم، وقيل: السلام من الله تعالى يبلغونه { بما صبرتم } أي هذه المنزلة والكرامة جزاء على ما صبرتم { فنعم عقبى الدار } أي نعم ما أعقبكم الله بعد الدار الأولى، وقيل: نعم العاقبة في هذه الدار لكم وهي الجنة.

Halaman tidak diketahui