Tafsir Al-Jilani
تفسير الجيلاني
Genre-genre
{ أن أرسل معنا } قومنا { بني إسرائيل } [الشعراء: 17] أي: خل سبيلهم؛ حتى يذهبوا بنا إلى أرض الشام سالمين عن ظلمك وجورك.
{ قال } في جوابهما مخاطبا لموسى؛ إذ هو أصل في الرسالة، معاتبا عليه، متهمكا موبخا: { ألم نربك فينا } زمانا يا موسى حين كنت { وليدا } لا متعهد لك سوانا { ولبثت فينا } بعدما كبرت إلى حيث مضى { من عمرك سنين } [الشعراء: 18].
قيل: لبث فيهم ثلاثين، ثم خرج إلى مدين عشر سنين، ثم عاد عليهم إلى التوحيد ثلاثين سنة، ثم بقي بعد غرقهم خمسين سنة.
{ و } بعدما ربيناك بأنواع التربية والكرامة { فعلت } من سوء صنعيك { فعلتك التي فعلت } بأن قتلت نفسا بلا جريمة صدرت منها موجبة لقتلها، فقتلها ظلما وعدوانا { و } بالجملة: { أنت من الكافرين } [الشعراء: 19] لنعمنا كفرانا سقط به لياقتك للرسالة والهداية، فالآن جئت تدعي الرسالة والإرشاد إلى الهداية.
[26.20-28]
{ قال } موسى في جوابه معترفا بما صدر عنه في أوان جهله وغفلته: { فعلتهآ } أي: الفعلة المذكورة المذمومة { إذا } أي: حينئذ { وأنا من الضالين } [الشعراء: 20] في تلك الحالة، الجاهلين بعواقب الأمور، الغافلين بما يترتب عليه من الأوزار.
وبعد فراري منكم؛ لأجلها وصلت إلى خدمة مرشد رشيد يرشدني ويربيني بأنواع الكرامات { ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي } من أثر صحبته وحسن تربيته { حكما } أي: حكمة متقنة كاملة { وجعلني } بفضله { من } جملة { المرسلين } [الشعراء: 21] فأرسلني إليكم؛ لأدعوكم إلى توحيده.
ثم شرع موسى في جواب ما من عليه فرعون من حقوق النعمة والتربية فقال: { وتلك } النعمة التي عددت { نعمة تمنها علي } ليست تبرعا؛ حتى أكون ممنونا بها، بل ما هي إلا { أن عبدت } زمانا قومي { بني إسرائيل } [الشعراء: 22] بل لها صاغرين مهانين مظلومين بأنواع الظلم والهوان، فما أنا ممنون منك حقيقة، بل منهم؛ لأنهم متسببون لتربيتك وحضانتك بي.
وبعدما جرى بينهم ما جرى { قال فرعون } مستكبرا، مستفهما على سبيل الاستبعاد والإنكار: { وما رب العالمين } [الشعراء: 23] أي: ما هو؟ وما ما هيته وحقيقته؟ ولأي شيء تدعونا إليه؟ عبر عنه سبحانه ب (ما) من غاية إنكاره واستحقاره.
{ قال } موسى في جوابه منبها له على ظهوره سبحانه في الآفاق: هو { رب السموت والأرض } أي: موجدهما ومظهرهما من كتم العدم { وما } حدث { بينهمآ } من الكوائن والفواسد { إن كنتم موقنين } [الشعراء: 24] أي: من ذوي الإيقان والعرفان بحقائق المحدثات المبدعة من كتم العدم بلا سبق مادة وزمان، بل بامتداد أضلال الأسماء والصفات الإلهية على مرايا الإعدام بمقتضى التجليات الحبية المنتشئة من الذات الأحدية وإلا فلا يمكن تعريفه بإيراد الأجناس والفصول؛ إذ هو سبحانه منزه عن الاشتراك والامتياز؛ إذ هو الواحد من كل الوجوه، المستقل بوجوب الوجود والتحقق مع امتناع غيره مطلقا، لا يمكن أن يقومه جنس، ويميزه فصل حتى يركب له حد أو رسم.
Halaman tidak diketahui