Tafsir Al-Jilani
تفسير الجيلاني
Genre-genre
{ و } أيضا قل لهن: { لا يضربن بأرجلهن } على عادة الجهال من التبختر والرقص { ليعلم } ويظهر { ما يخفين من زينتهن و } بالجملة: { توبوا } رجالا ونساء { إلى الله } المبدئ المبدع لكم من كتم العدم { جميعا أيه المؤمنون } بتحيد الله المصدقون لكتبه ورسله { لعلكم تفلحون } [النور: 31] وتفوزون بالفلاح والنجاح عند الملك التواب الفتاح.
[24.32-34]
ثم لما أشار سبحانه إلى محافظة الحدود والآداب والألفة والمصاحبة بين المؤمنين، ونهاهم عن أمارات السفاح ومقدمات الزنا مطلقا؛ لئلا يجهل النسب وتختلط النطف، وقدمها اهتماما بشأنها أراد أن يشير إلى النكاح الصوري المنبئ عن النكاح المعنوي، فقال: { وأنكحوا } أيها الأولياء السادات، المولون لأمور من في حفظكم وحضانتكم { الأيامى منكم } وهو جمع: أيم ، هو العزب سواء كان ذكرا أم أنثى، بكرا أو ثيبا، { و } أنكحوا أيضا { الصالحين } للنكاح والتزويج { من عبادكم وإمائكم } فعليكم أيها الولاة تزويج الأيامى، ولا تبالوا بفقرهم وفاقتهم { إن يكونوا فقرآء } عند النكاح { يغنهم الله } المصلح لأحوالهم { من فضله } وسعة جوده ورحمته لعباده بعد النكاح، { } والله المدبر لأمور عباده، المتكفل لأرزاقهم { واسع } يوسع عليهم من رزقه { عليم } [النور: 32] برثاثة حالهم، مغن علمه بهم عن سؤالهم.
{ وليستعفف } أي: ليجتهد في العفة، وتسكين الشهوة للفقراء { الذين لا يجدون نكاحا } أي: أسبابه وصداقه، وليصبروا بمشاق العزوبة { حتى يغنيهم الله } المصلح لأحوالهم { من فضله } وسعة جوده، فيجدون ما يتزوجون به.
ثم أشار سبحانه إلى عتق الموالي، وتخليصهم من ربقة الرق وعروة العبودية طلبا لمرضاة الله وعتقا من عذابه، فقال: { والذين يبتغون } أي: العبيد الذي يطلبون { الكتاب } أي: الكتابة المتضمنة لعتقهم، وخلاصهم عن الرق بعدما أدوا المبلغ المعهود ا لذي يكاتب عليها، وهم { مما ملكت أيمانكم } أيها الموالي سواء كانوا عبيدا أو إماءا، قنا أو مدبرا أو مستولدة، يطلبون منكم أن تعتقوهم على مال تكتسبون لهم؛ ليؤدوا إليكم منجما، وبعدما أدوا ما تكتبون لهم صاروا أحرارا معتقين { فكاتبوهم } واعتقوهم على جعل { إن علمتم فيهم خيرا } أي: علمتم وتفرستم فيهم بعدما فككتم رقابهم يكونوا صلحاء أمناء مؤمنين لا يرجى منهم الشر والفساد { و } بعد عقدهم الكتابة { آتوهم } أيها المسلمون { من مال الله الذي آتاكم } من فضله تفكيكا لرقابهم عن مذلة الرق وهوان العبودية.
ثم أشار سبحانه إلى حسن المعاشرة مع المماليك، ورعاية غبطتهم، ومحافظة الحدود بينهم؛ بحيث لا يكرهونهم إلى ما لا يصلح لهم شرعا وعادة بل عقلا ومروءة، سيما إ ذا استحصنوا وتحفظوا، فقال على سبيل المبالغة في النهي: { ولا تكرهوا } أيها السادة المسلمون { فتياتكم } أي: شواب جواريكم { على البغآء } أي: الزنا مطلقا سيما { إن أردن تحصنا } وتحفظا عن البغي مع قلة عقلهن ورشدهن، فأنتم أحق بحفظهن وحصنهن مما لا يرتضيه العقل والشرع، ولا تنصرفوا أيها الولاة عن مقتضى العقل والشرع { لتبتغوا عرض الحياة الدنيا } وتطلبوا متاعها الفاني وحطامها الدني الزائل { ومن يكرههن } سيما بعد نزول الزاجر { فإن الله } المنتقم لعصة عباده، سيما الظالم الخارج عن حدوده { من بعد إكراههن } أي: من بعد إكارههم لهن { غفور } يغفر لهن { رحيم } [النور: 33] يرحمن عليهن إن كن مخلصات في التحصن، ويعاقب على المكرهين أشد العقاب ويعذبهم أسوأ العذاب.
{ و } كيف لا يعاقبكم الله أيها المسرفون المصرون على الفسوق والعصيان { لقد أنزلنآ } من مقام جودنا وفضلنا { إليكم آيات مبينات } واضحات فيها ما هو صلاحكم ونجاتكم، { و } أوضحناها لكم بأن أورنا فيها { مثلا من } أحوال الظلمة { الذين خلوا } ومضوا { من قبلكم } لتعتبروا مما جرى عليهم من سوء صنيعهم { و } ليكون قصصهم { موعظة } وتذكيرا { للمتقين } [النور: 34] منكم المحترزين من بطشنا وانتقامنا، ومع ذلك لم تعتبروا ولم تنزجروا، فتستحقوا أشد العذاب وأسوأ العقاب مثلهم.
[24.35-40]
وكيف لا تنزجرون عن قهر الله أيها الغافلون، ولا تخافون عن بشطه أيها الضالون، أما تستحيون منه سبحانه مع حضوره وشهوده في جميع الأماكن، وظهور نوره في عموم الآفاق والأنفس غيبا وشهادة، ظاهرا وباطنا، أزلا وأبدا، أولا وآخرا، صورة ومعنى.
وكيف تتركون حدوده وتخرجون عن مقتضى أوامره ونواهيه في كتبه المنزلة على رسله أيها الجاهلون المسرفونن؛ إذ { الله } المتجلي بأسمائه الحسنى وصفاته العليا { نور السموت والأرض } أي: مظهرهما وموجدهما، وموجد ما ظهر بينهما وفيهما وعليهما من كتم العدم، بلا سبق مادة ومدة بامتداد أظلال أسمائه وآثار صفاته عليهما { مثل نوره } أي: ظهور أنواع وجوده من هياكل الهويات وشباك العكوس والتعينات { كمشكاة } وهي كوة توضع فيه القناديل المسرجة، وهي مثال الأشكال والمظاهر والتعينات المنعكسة من أشعة الأسماء والصفات الإلهية المتشعشعة المتجلية بالتجليات الحبية على مقتضى الذات { فيها مصباح } وهي مثال نور الوجود الإلهي، المضيء بنفسه وذاته، ومن كمال شروقه وبروقه ولمعانه تخطف الأبصار وتكمل المدارك والأنظار، لذلك احتجب { المصباح } المذكمور أولا { في زجاجة } صافية عن كدر التعينات ورين التعلقات، وهي مثال الأسماء والصفات المنبسطة أظلالها على صفائح الأكوان.
Halaman tidak diketahui