Tafsir Al-Jilani
تفسير الجيلاني
Genre-genre
{ والوالدات } سواء كانت مطلقات أو غيرها { يرضعن } ولا يضيعن { أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } أي: يرضعن للأب الذي أراد إتما إرضاع ولده { وعلى المولود له } أي: على الأب { رزقهن } أي: رزق المرضعات { وكسوتهن بالمعروف } المتعارف { لا تكلف نفس إلا وسعها } إذ من سنته سبحانه أن لا يكلف عبده إلا بما يطيقه ويقدر عليه؛ لذلك { لا تضآر والدة بولدها } بأن ألزم عليها بأنه ولدك لا بد لك أن تسترضعيه بلا أجرة { ولا } يضار أيضا { مولود له بولده } بأن حمل عليه ما ليس في وسعه ن أجرة الرضاعة.
{ و } إن لم يكن المولود له موجودا يجب { على الوارث } الحائز لأمواله { مثل ذلك } أي: ما يجب على المولود له لإرضاع ولده { فإن أرادا } المولود له والمرضعة قبل انقضاء الحولين { فصالا } فطاما صادرا { عن تراض منهما وتشاور } أي: شورة واقعة بينهما { فلا جناح عليهما } في هذا الفطام إن لم يتضرر الرضعي، وإن تضرر فللحاكم أن يمنعها؛ لإفضائه إلى تضييع الرضيع وتخريب بناء الله { وإن أردتم } أيها المؤمنون { أن تسترضعوا أولادكم } أي: تطلبوا المرضعة لإرضاع رضيعكم سواء كانت المرضعة أم الرضيع أملا لا { فلا جناح عليكم إذا سلمتم مآ آتيتم بالمعروف } أي: لا ضيق ولا تعب عليكم أن تسلموا باطلريق المعروف المستحسن ما سميتم من الأجرة للإرضاع قبل انقضاء مدة الرضاع { واتقوا الله } عن تضييع الرضيع وتنقيص أجرة المرضعة { واعلموا أن الله بما تعملون بصير } [البقرة: 233] يجازيكم على مقتضى علمه.
{ والذين يتوفون منكم } أيها المؤمنون { ويذرون } يتركون { أزواجا } واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا فعليهن أن { يتربصن } ينتظرن ويعتددن { بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } حتى يعلم ويظهر أنهن حاملات أم لا { فإذا بلغن أجلهن } بأن تنقضي المدة المذكورة { فلا جناح عليكم فيما } أيها الحكام { فعلن } إصلاح { في أنفسهن } من طلب الخطبة والخاطب والناكح والتجسس عنه والعروض عليه إن صدر عنهن هذه الأمور { بالمعروف } المستحسن في الشرع والعرف، وإلا فعليكم الجناح أيها الحكام عند الله إن لم يمنعوهن { والله بما تعملون } أيها الحكام من التهاون في إجراء أحكامه وحفظ حدوده { خبير } [البقرة: 234] يؤاخذكم عليه ويجازيكم بمقتضى خبرته.
[2.235-237]
{ ولا جناح عليكم } أيها المؤمنون { فيما } أي: في كلام وألفاظ { عرضتم به } تعريضا حسنا وتلميحا مليحا خاليا عن ومصة الفساد، ناشئا { من } إرادة { خطبة النسآء } المعتادت للوفاة { أو أكننتم } أضمرتم وأخفيتم { في أنفسكم } إذ { علم الله } منكم وإن أخفيتم { أنكم } يميل طبيعتكم إليهن { ستذكرونهن } فاذكروهن على الوجه الأحسن ألابعد عن التهمة { ولكن لا تواعدوهن سرا } أي: الوقاع والجماع؛ أي: لا تخالطوا معهن إلى حيث يرتفع الحجاب عنكم، فتتكلمون معهن بالكلمات التي جرت بين الزوج والزوجة { إلا أن تقولوا قولا معروفا } يومئ إلى خطبتكم إياهن إن خفتم أن يسبق عليكم الغير من الخطباء { و } عليكم أن { لا تعزموا عقدة النكاح } أي: لا تستعجلوا في العزيمة على العقد { حتى يبلغ الكتاب أجله } أي: ما فرض في الكتاب؛ أي: من العدة المقدرة فيه { واعلموا أن الله } المطلع لضمائركم { يعلم ما في أنفسكم } من الخيانة في حدوده { فاحذروه } لتنجوا من غضبه { واعلموا أن الله غفور } لمن عزم المعصية ولم يفعل { حليم } [البقرة: 235] لا يستعجل بالعقوبة على العاصين.
{ لا جناح } لا وزر ولا إثم { عليكم } أيها المؤمنون { إن طلقتم النسآء ما لم تمسوهن } أي: لا تجامعوا معهن { أو } لم { تفرضوا } تقدروا { لهن فريضة } مهرا أو صداقا { و } عليكم إن طلقتموهن { متعوهن } بالإحسان جبرا لما انكسر بالطلاق بعد العقد { على الموسع قدره } أي: قدر وسعه ويسره { و } كذا { على المقتر } المعسر { قدره } قدر إعساره وتقتيره { متاعا } أي: متعوهن متاعا ملتبسا { بالمعروف } الذي يستحسنه الشرع المروءة، ولذلك صار التمتيع المجان في الشرع { حقا } لأنها { على } المؤمنين { المحسنين } [البقرة: 236] الذين لا يريدون الأذى لأحد من الناس وإن وقع منهم نادرا، جبروا بالإحسان حفظا للمودة والإخاء الدينية.
{ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و } الحال أنه { قد فرضتم } سميتم { لهن فريضة } صداقا ومهرا { فنصف ما فرضتم } أي: فلزمكم أداء نصف ما سميتم من المهر إليهن { إلا أن يعفون } أي: المطلقات فلا يأخذن شيئا اتقاء عن التهمة { أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح } ويرد جميع المهر إليها تبرعا { وأن تعفوا } أي: وعفوكم أيها المؤمنون في أمثال هذا { أقرب للتقوى } وأفضل عند المولى { ولا تنسوا } أي: لا تتركوا { الفضل } والإحسان { بينكم } أيها المحسنون بل أحسنوا بعضا مما أحسن الله لكم إلى مستحقيكم { إن الله } المراقب لجميع أعمالكم { بما تعملون } من الفضل والإحسان { بصير } [البقرة: 237] يجازيكم عليه بفضله.
[2.238-242]
ثم لما كان للعارف الحائر المسغرق في بحر الحيرة ميولا وتوجهات متعددة بحسب تجددات أنفاسه ونفساته المستنشقة، المستمدة بها النفسات الرحمانية، المهبة من يمن عالم اللاهوت، المنتشئة من الذات الأحدية، المتجلية بالتجليات الجمالية والجلالية، المعبرة بالأسماء والصفات الإلهية المتخالفة في الآثار والمقتضيات على حسب الكمال؛ أراد سبحانه أن ينبه عليه بمخالطته الميول والصلوات في الأوقات كلها؛ لئلا ينشغل عن الحق في وقت من الأوقات، فقال: { حافظوا } وداوموا أيها المتوجهون إلى توحيد الذات { على الصلوت } المكتوبة لكم في الأوقات المتعارفة { و } خصوصا { الصلوة الوسطى } التي هي عبارة عن التوجه الرفيق المعنوي بين كل نفسين من أنفاسكم { و } بالجملة: { قوموا } أيها الأظلال الهالكة في نفسها المستهلكة في الذات الأحدية؛ إذ لا وجود لكم من ذواتكم { لله } المظهر لكم من كتم العدم بامتداد أظلال أسمائه؛ ورش من بحر جود وجوده عليكم { قنتين } [البقرة: 238] متذللين خاضعين، مفنين هويتكم الظلية الغير الحقيقية بالكلية في الهوية الحقيقة الإلهية.
{ فإن خفتم } عن مقتضيات القوى البشري { فرجالا } أي: فعليكم التوجه راجلين منسلخين عنها وعن مقتضياتها بالمرة { أو ركبانا } راكبين عليها بتسخيرها بالرياضيات الشاقة إلى حيث ينصرف بالكلية عن مقتضاها { فإذآ أمنتم } من شرورها { فاذكروا الله } المفني للفرد والسوى مطلقا { كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون } [البقرة: 239] لولا إنزاله سورة الإخلاص وكلمة التوحيد وغيرها من الآيات الدالة على التوحيد الذاتي.
Halaman tidak diketahui