Tafsir Al-Jilani
تفسير الجيلاني
Genre-genre
{ يومئذ لا تنفع الشفاعة } أي: شفاعة كل أحد من الناجين كل واحد من العاصين { إلا من أذن له الرحمن } بالشفاعة لبعض العصاة من أرباب العناية في ذلك اليوم { و } مع إذنه سبحانه له { رضي له قولا } [طه: 109] أي: تعلق رضاه سبحانه الشفعي وقت الشفاعة.
وإنما أذن ورضي سبحانه بالشفاعة للبعض؛ لأنه سبحانه { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } أي: يحيط علمه بجميع أحوالهم من العصيان الطاعة ، وبأن أي: عصيان يزول بالشفاعة، وأي: عاص يستحقها { ولا يحيطون به علما } [طه: 110] بدقائق معلومات وأفعاله وآثاره.
{ و } في ذلك اليوم { عنت الوجوه } أي: هلكت وجوه الأشياء؛ أي: ظهورها وبقي الوجه الذي هو { للحي القيوم } المنزه عن الظهور والبطون، المقدس عن الحركة والسكون { وقد خاب } وخسر خسرانا مبينا في ذلك اليوم { من حمل ظلما } [طه: 111] شركا بالله الواحد القهار.
{ ومن يعمل من الصالحات } في الدنيا { وهو مؤمن } موقن بوحدانية الله { فلا يخاف } في ذلك اليوم { ظلما } بأن يحبط أعماله الصالحة بالكلية، ولم يجز بها { ولا هضما } [طه: 112] بأن ينقص من جزاء عمله الصالح.
{ وكذلك } أي: مثل إحاطة علمنا بجميع الأشياء { أنزلناه } أي: هذا الكتاب المحيط بجميع ما في العالم؛ إذ لا رطب ولا يابس إلا فيه { قرآنا عربيا } أي: كلاما عربي الأسلوب { وصرفنا فيه من الوعيد } أي: كثر تصرفنا فيه من الإنذارات والتخويفات { لعلهم يتقون } رجاء أن يتوجهوا إلى توحيدنا ويجتنبوا عن شركنا { أو يحدث } ويجدد وعيد القرآن { لهم ذكرا } [طه: 113] من أحوال الماضين، وعقاب الله عليهم من الغرق والمسخ والكسف والخسف لعلهم يتذكرون.
وإن قالوا على سبيل المكابرة عتوا وعنادا: لربك حاجة إلى إيماننا وتقوانا، وإلا لم يرجوا إيماننا؟ قل لهم يا أكمل الرسل: { فتعلى الله } أي: تنزه وتقدس { الملك } المستولي المطلق { الحق } الثابت الدائم أزلا وأبدا عما يقول الظالمون المشركون من إثبات الاحتياج له بمجرد الرخاء العائد نفعه إياهم أيضا.
{ و } إذا كان ظنهم هذا { لا تعجل } يا أكمل الرسل { بالقرءان } أي: بأدائه وتبليغه لهم وقراءته عليهم { من قبل أن يقضى إليك وحيه } أي: من قبل أن يفرغ جبرائيل عليه السلام من وحيه وتبليغه، بل أصبر حتى يفرغ من الوحي، ثم تأمل في مرمزاته وإشاراته الخفية بدقر استعدادك { و } بعد التأمل والتدبر { قل رب زدني علما } [طه: 114] بما فيه من نفائس المعلومات وعجائب المعارف والحقائق.
[20.115-125]
ثم بعد ذلك اقرأ عليهم، وبههم بما فيه من قدر عقولهم { و } لا تنسى نيهنا عن الاستعجال بأداء القرآن قبل تمام الوحي مثل نيسان أبيك آدم عليه السلام عهده معنا، فإنا { لقد عهدنآ إلى } أبيك { ءادم من قبل } بقولنا نهيا له ولامرأته:
ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظلمين
Halaman tidak diketahui