Tafsir Al-Jilani
تفسير الجيلاني
Genre-genre
وإن كان { لا تدركه } من غاية ظهوره وجلائه { الأبصر } القاصره عن إبصار نوره { و } كيف تدركه الأبصار { هو } بذاته { يدرك } ويبصر { الأبصر } ومبصر الأبصار لا يبصره الأبصار { و } كيف يبصر { هو اللطيف } الرقيق المنزه عن المجازاة والمقابلة والانطباع والمحاكاة { الخبير } [الأنعام: 103] هو كيف يخبر عنه، وبالجملة ما يرى الله إلا الله، وما يخبر عنه إلا هو، كل شيء هالك إلى وجهه له الحكم وإليه ترجعون رجوع الظل إلى ذي الظل.
{ قد جآءكم } وحصل عندكم أيها المجبولون على فطرة التوحيد { بصآئر } شواهر وكواشف { من ربكم } الذي أوجدكم وأظهركم عليها { فمن أبصر } شهد وانكشف بها { فلنفسه } أي: عاد نفعه إليها { ومن عمي } و احتجب { فعليها } أي: وبالها عائد عليها { ومآ أنا عليكم بحفيظ } [الأنعام: 104] رقيب مصرف بل منبه مبلغ، والحفظ بيد الله، والتصرف بقدرته، يهدي من يشاء ويضل من يشاء.
ثم قال سبحانه: { وكذلك } أي: مثل ذلك المذكور { نصرف } ونكرر { الآيات } الدالة على توحيدنا رجاء أن يتنبهوا فلم يتنبهوا { و } غاية أمرهم أنهم { ليقولوا } لك يا أكمل الرسل: { درست } تعلمت هذه الأساطير الكاذبة القديمة من أهل الكتاب { و } مع كونه ما نصرفها ونكررها إلا { لنبينه } ونوضحه إلى التوحيد الذاتي المدلول عليه بتصريف الآيات والدلالة { لقوم يعلمون } [الأنعام: 105] يستدلون بالدلائل القاطعة والبراهين الساطعة على وحدة الصانع الحكيم، وانصرفوا عنكم ولم يقبلوا منك ما جئت به من الآيات، اتركهم وحالهم.
[6.106-109]
{ اتبع } أنت { مآ أوحي إليك من } توحيد { ربك } بأن { لا إله } أي: لا موجود { إلا هو وأعرض عن المشركين } [الأنعام: 106] واتركهم وشركهم بعدما تحققت وتمكنت في مقر التوحيد.
{ ولو شآء الله } الهادي لعباده عدم إشراكهم { مآ أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا } مصرفا بل مبلغا منبها { ومآ أنت } أيضا { عليهم بوكيل } [الأنعام: 107] تشفع لهم وتقوم بأمرهم.
{ ولا تسبوا } أي: لا تذكروا بالمساوئ والمقابح أيها المؤمنون الموحدون أصنام { الذين يدعون } ويعبدون، أي: المشركون { من دون الله } إذ هم من جملة المجالي والمظاهر لله مع أنكم إن تسبوهم وآلهتهم { فيسبوا الله } من غاية جهلهم وحميتهم فتكونوا سببا لسب الله { عدوا } تجاوزا عن الحق إلى الباطل { بغير علم } بمآله { كذلك } أي: مثل تزيننا لكم دينكم وإلهكم وعملكم { زينا لكل أمة } من الأمم { عملهم } وإلههم سواء كان حقا أو باطلا؛ إذ { كل حزب بما لديهم فرحون } [المؤمنون: 53] { ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون } [الأنعام: 108] أي: يجازيهم على مقتضى ما عملوا من خير وشر وإيمان وكفر .
{ و } من غاية نفاقهم واستهزائهم معك يا أكمل الرسل وتهكمهم بما جئت به من الآيات { أقسموا بالله جهد أيمنهم } أي: مغلظين فيها مؤكدين لها تهكما { لئن جآءتهم آية } من مقترحاتهم { ليؤمنن بها } البتة وبك أيضا { قل } لهم كلاما خاليا عن وصمة الكذب: { إنما الآيت } ونزولها وإنزالها { عند الله } وبقبضة قدرته وليس في وسعي وطاقتي شيء منها { وما يشعركم } ويظهر لكم أيها المؤمنون الطالبون لإيمان هؤلاء الكفرة، وأنتم تتفرسون من مظاهر حالهم لو تأملتم في شأنهم { أنهآ إذا جآءت } جميع مقتراحتهم { لا يؤمنون } [الأنعام: 109] بها البتة؛ إذ طبع الله على قلوبهم بالكفر والنفاق.
[6.110-112]
{ و } كيف يؤمنون بها؛ إذ { نقلب أفئدتهم } عن الميل إلى الحق مطلقا { وأبصرهم } عن إحساس شواهده وعلاماته { كما } قلبناهم حيث { لم يؤمنوا به } أي: بما جاء به من الحق { أول مرة } إذ لا تفاوت بين حقية الآيات سواء كانت مقترحة أم لا { ونذرهم } نمهلهم وندعهم { في طغيانهم } أي: ظلالهم المجاوز عن الحد { يعمهون } [الأنعام: 110] يتحيرون ويترددون إلى أن نأخذهم وننتقم منهم.
Halaman tidak diketahui