Tafsir Al-Jilani
تفسير الجيلاني
Genre-genre
{ يأيها الذين آمنوا } مقتضى إيمانكم محافظة حدود الله الموضوعة فيكم لإصلاحكم أمرا ونهيا، كراهة وندبا، حلا وحرمة { إنما الخمر } أي: مطلق ما يترتب عليه السكر وإزالة العقل من أي شيء أخذتم { والميسر } القمار مع أي شيء لعبتم { والأنصاب } أي: الأصنام الموضوعة؛ لتضليل العباد { والأزلام } الموضوعة للاستعلام مما استأثر الله به من غيبه، كل منها { رجس من عمل الشيطان } قذر ونجس بلا واسطة أو واسطة { فاجتنبوه } أي: جانبوا، وأبعدوا أنفسكم عن كل منها { لعلكم تفلحون } [المائدة: 90] رجاء أ تفوزوا بما يرضى به الله عنكم.
{ إنما يريد الشيطان } المضل { أن يوقع بينكم العداوة والبغضآء في الخمر والميسر } إلى حيث يفضي إلى المقاتلة والمشاجرة { و } يريد أن { يصدكم عن ذكر الله } وخصوصا { وعن الصلاة } التي هي معراج المؤمن نحو الحق { فهل أنتم منتهون } [المائدة: 91] أيها المؤمنون، أم مهلكون بارتكابها؛ إذ لا واسطة فيهما ولا عذر.
{ وأطيعوا الله } فيما أمركم به، ونهاكم عنه { وأطيعوا الرسول } المبين لكم أمر الله ونهيه { واحذروا } عما حذركم الله ورسوله { فإن توليتم } وأعرضتم بعد وضوح البرهان { فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين } [المائدة: 92] الظاهر الواضح، وعلينا الحساب والأخذ، والانتقام والعذاب والنكال.
[5.93-94]
{ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات } المأمورة { جناح } حرج وضيق وتعب { فيما طعموا } من المحرمات المذكورة قبل ورود تحريمها { إذا ما اتقوا } بعد ورودها عن غضب الله { وآمنوا } صدقوا تحريمها { وعملوا الصالحات } المرخصة بمقتضاها بلا إخلال { ثم اتقوا } عن رخصها { وآمنوا } أي: أخلصوا بعزائمها { ثم اتقوا } عن عزائمها طالبين رضا الله { وأحسنوا } في هذه التقوى، وتعبدوا الله كأنهم يرونه { والله } المحسن، المفضل لعباده { يحب المحسنين } [المائدة: 93] منهم، الطالبين رضاه، المتشوقين لقاءه.
ومن أجل الأمور المحرمة علكيم في دينكم: الاصطياد حال كونكم محرمين للحج.
{ يأيها الذين آمنوا ليبلونكم } ويختبرنكم { الله بشيء } حقير { من الصيد } حال كونكم محرمين يغشاكم بحيث { تناله أيديكم ورماحكم } من غاية قربه، هل ما تأخذونه وتشوشونه، أم تحفظون أمر التحريم، وتراعون حقه، وما ذلك إلا { ليعلم الله } أي: يميز ويفصل { من يخافه بالغيب } أي: من انتقامه في يوم الجزاء عمن لا يخاف، ولا يبال بأمره وشأنه { فمن اعتدى } وتجاوز { بعد ذلك } أي: بعدما سمع من الحق ما سمع { فله عذاب أليم } [المائدة: 94] وعقاب عظيم باعتدائه واجترائه.
[5.95-96]
ثم أردفه سبحانه بما يدل على جبره بعد انسكاره؛ رفعا للحرج عن عباده، مصرحا بتحريمه ونهيه أولا، فقال: { يأيها الذين آمنوا } مقتضى إيمانكم أن { لا تقتلوا الصيد و } الحال أنه { أنتم حرم } محرمين للحج { ومن قتله منكم } في أوقات إحرامه { متعمدا } قاصدا { فجزآء مثل ما قتل من النعم } أي: لزمه؛ جبرا لما انكسر، ذبح مثلما قتل من النعم في النفع والفائدة؛ لسد جوعه الفقراء والمساكين { يحكم به } يمماثلته { ذوا عدل منكم } حال كون ذلك المجازي ناويا { هديا } يذبح لله ولرضاه { بالغ الكعبة } أي: عندهما ويتصدق بها للفقراء والمساكين.
{ أو } لزم عليه { كفارة } وهي { طعام مساكين } أي: يشتري بثمن ذلك المثل الذي يحكم به ذوا عدل طعاما ويتصدق به للفقراء، يعطي كل واحد منهم مدا من الطعام { أو عدل ذلك صياما } أو لزمه صيام مدة مساوية لعدد الفقراء إذا أطعم بثمنها عليهم سر كل تلك التكاليف الشاقة { ليذوق وبال أمره } أي: ثقله وشدته وفظاعته، ووخامة عاقبته؛ إذ هو إبطال لصنع الحق حين حماه الحق، ونهى عن التعرض.
Halaman tidak diketahui