Tafsir Al-Jilani
تفسير الجيلاني
Genre-genre
ربنا آتنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
ورسوخ الراسخين إنما يحصل من إلهامنا ووحينا وإعلامنا، وإيقاظنا إياهم من سنة الغفلة ونعاس النسيان، وإرشادنا لهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب عليهم من عندنا وذلك سنتنا المستمرة، وعادتنا القديمة، لا يحتاج فيها للإلحاح والاقتراح.
[4.163-165]
{ إنآ أوحينآ } من مقام جودنا { إليك } يا أكمل الرسل الكتاب الجامع لجميع ما في الكتب السالفة على الوجه الأبلغ، الأبين لطريق التوحيد { كمآ أوحينآ إلى نوح } صحفا مبينة لطريق التوحيد والتنزيه؛ قدم لكونه أول من أنزل إليه الكتاب، وأقدم من سائر الأنبياء { و } أوحينا أيضا بعد نوح إلى { النبيين من بعده } ما يبنون به طريق الحق من الكتب والصحف { وأوحينآ } خصوصا { إلى } آبائك { إبراهيم } المتخلف بأخلاقه الإلهية، المتحقق بمقام الخلفة { وإسماعيل } المتمكن بمقام الرضا والتسليم.
{ وإسحاق } المترقب، المتوجه إلى الحق من كل صورة وشكل؛ لتحققه بمقام التوحيد { ويعقوب } المتوجه إلى الله في السراء والضراء؛ لتحققه في مقام التفويض { والأسباط } المتوجهين إلى الله في جميع حالاتهم، منهم: يوسف المترقي من الصور الخيالية إلى الأمور العينية والغيبية لصفاء ظاهره وباطنه عن الكدورات البشرية { وعيسى } المؤثر في العلم بالتأثيرات الإلهيات والنفسات الرحمانية؛ لاضمحلال ناسوتيته في لاهوتيه الحق { وأيوب } المتحقق في مقام الصبر والرضا بما جرى عليه من القضاء؛ لتحققه بمقام العبودية { ويونس } المتحقق في مقام الخوف والرجاء مع الله.
{ وهارون } المتمكن في مرتبة الأمانة والديانة واطمئنان النفس { وسليمان } الجامع لجميع مراتب عالم الشهادة؛ لتحققه في مقام البسطة والاستيلاء { وآتينا } من فضلنا وجودنا { داوود } المتحقق بمقام الحكمة المتقضية للتدبيرات الواقعة بين مراتب الإلهية { زبورا } [النساء : 163] يفصل به بين الحق والباطل و الخطأ والصواب.
{ و } كما أرسلنا هؤلاء المذكورين، أرسلنا أيضا { رسلا قد قصصناهم عليك } في كتابك { من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك و } كمل أمر الوحي في موسى؛ إذ { كلم الله } المرسل للرسل، المنزل للكتب { موسى } المتحقق بمقام القرب والوصول { تكليما } [النساء: 164] لا يدرك كيفيته، ولا يكتنه لميته.
وإنما أرسلنا { رسلا } وأنزلنا معهم كتبا؛ ليكونوا { مبشرين } للناس بالتوحيد وسائر المأمورات الواردة في طريقه، المؤدية إليه { ومنذرين } لهم عن الشرك المنافي له وعن جميع المحرمات المفضية إليه { لئلا يكون للناس } المجبولين على الجدال والنزاع { على الله } المنزه عن المجادلة والمراء { حجة } متمسك وغلبة حين أخذهم بالانتقام يوم الجزاء إذ لا يبقى لهم مجادلة ومرءا { بعد } إرسال { الرسل } لإهدائهم إلى طريق الحق وسبيل التوحيد مع كونهم مؤيدين بإنزال الكتب من عنده { وكان الله } المستقل في الألوهية { عزيزا } غالبا في أوامره ونواهيه { حكيما } [النساء: 165] في تدبيراته المتعلقة بها.
[4.166-170]
ومن غاية جدالهم ونزاعهم يجادلون غالبا معك في رسالتك وكتابك، ولا يشهدون لك وبحقية كتابك، وبصدقك في رسالتك، مع كونك مشهودا في كتبهم وعلى لسان رسلهم؛ مكابرة وعنادا، لا تبال بهم وبشهادتهم، { لكن الله } المطلع للسرائر والخفيات { يشهد بمآ أنزل إليك } أي: بحقيته، وصدقك فيه، وبأنه { أنزله } إليك ملتبسا { بعلمه } المتعلق بتأليف كلماته، وكيفية ترتيبه ونظمه على وجه يعجز عنه جميع من تحدى وتعارض معه { والملائكة } أيضا { يشهدون } بأنه منزل من الحق على الحق { وكفى بالله شهيدا } [النساء: 166] سواء شهدوا، أو لم يشهدوا.
Halaman tidak diketahui