89

Tafsir Al-Baghawi

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Penyiasat

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Penerbit

دار طيبة للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الرابعة

Tahun Penerbitan

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

ذَكَرَهَا بِاسْمَيْنِ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الْفُرْقَانُ نَعْتُ الْكِتَابِ وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، يَعْنِي: الْكِتَابَ الْمُفَرِّقَ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَقَالَ يمان بن ربان: أَرَادَ بِالْفُرْقَانِ انْفِرَاقَ الْبَحْرِ كَمَا قَالَ "وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ" ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ بِالتَّوْرَاةِ. ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ﴾ الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْلَ ﴿يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ ضَرَرْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ ﴿بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ﴾ إِلَهًا قَالُوا: فَأَيُّ شَيْءٍ نَصْنَعُ؟ قَالَ: ﴿فَتُوبُوا﴾ فَارْجِعُوا ﴿إِلَى بَارِئِكُمْ﴾ خَالِقِكُمْ قَالُوا: كَيْفَ نَتُوبُ؟ قَالَ ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ يَعْنِي لِيَقْتُلِ الْبَرِيءُ مِنْكُمُ الْمُجْرِمَ ﴿ذَلِكُمْ﴾ أَيِ الْقَتْلُ ﴿خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ﴾ فَلَمَّا أَمَرَهُمْ مُوسَى بِالْقَتْلِ قَالُوا: نَصْبِرُ لِأَمْرِ اللَّهِ فَجَلَسُوا بِالْأَفْنِيَةِ (١) مُحْتَبِينَ (٢) وَقِيلَ لَهُمْ: مَنْ مَدَّ حَبَوْتَهُ أَوْ مَدَّ طَرْفَهُ إِلَى قَاتِلِهِ أَوِ اتَّقَاهُ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَهُوَ مَلْعُونٌ مَرْدُودَةٌ تَوْبَتُهُ، وَأَصْلَتَ الْقَوْمُ عَلَيْهِمُ الْخَنَاجِرَ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَرَى ابْنَهُ وَأَبَاهُ وَأَخَاهُ وَقَرِيبَهُ وَصَدِيقَهُ وَجَارَهُ فَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْمُضِيُّ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالُوا: يَا مُوسَى كَيْفَ نَفْعَلُ؟ فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ ضَبَابَةً وَسَحَابَةً سَوْدَاءَ لَا يُبْصِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَكَانُوا يَقْتُلُونَهُمْ إِلَى الْمَسَاءِ، فَلَمَّا كَثُرَ الْقَتْلُ دَعَا مُوسَى وَهَارُونُ ﵉ وَبَكَيَا وَتَضَرَّعَا وَقَالَا يَا رَبُّ هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، الْبَقِيَّةَ الْبَقِيَّةَ، فَكَشَفَ اللَّهُ تَعَالَى السَّحَابَةَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكُفُّوا عَنِ الْقَتْلِ فَتَكَشَّفَتْ عَنْ أُلُوفٍ مِنَ الْقَتْلَى. يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عَدَدُ الْقَتْلَى سَبْعِينَ أَلْفًا فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى مُوسَى فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: أَمَا يُرْضِيكَ أَنْ أُدْخِلَ الْقَاتِلَ وَالْمَقْتُولَ الْجَنَّةَ، فَكَانَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ شَهِيدًا وَمَنْ بَقِيَ مُكَفَّرًا عَنْهُ ذُنُوبُهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ أَيْ فَفَعَلْتُمْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَتَجَاوَزَ عَنْكُمْ ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ﴾ الْقَابِلُ التَّوْبَةِ ﴿الرَّحِيمُ﴾ بِخَلْقِهِ. ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦) وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧)﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ مُوسَى ﵇ أَنْ يَأْتِيَهُ فِي نَاسٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ، فَاخْتَارَ مُوسَى سَبْعِينَ رَجُلًا

(١) جمع فناء: وهو سعة أمام البيت، وقيل ما امتد من جوانبه. (٢) الاحتباء: أن يجمع الرجل ظهره وساقيه بثوب أو غيره.

1 / 96