Tafsir Al-Baghawi
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Penyiasat
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Penerbit
دار طيبة للنشر والتوزيع
Nombor Edisi
الرابعة
Tahun Penerbitan
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ نَطْلُبُ مِنْكَ الْمَعُونَةَ عَلَى عِبَادَتِكَ وَعَلَى جَمِيعِ أُمُورِنَا فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قَدَّمَ ذِكْرَ الْعِبَادَةِ عَلَى الِاسْتِعَانَةِ وَالِاسْتِعَانَةُ تَكُونُ قَبْلَ الْعِبَادَةِ؟ فَلِهَذَا يَلْزَمُ مَنْ يَجْعَلُ الِاسْتِطَاعَةَ قَبْلَ الْفِعْلِ. وَنَحْنُ بِحَمْدِ اللَّهِ نَجْعَلُ التَّوْفِيقَ (وَالِاسْتِعَانَةَ) (١) مَعَ الْفِعْلِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَيُقَالُ: الِاسْتِعَانَةُ نَوْعُ تَعَبُّدٍ فَكَأَنَّهُ ذَكَرَ جُمْلَةَ الْعِبَادَةِ أَوَّلًا ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ مِنْ تَفَاصِيلِهَا.
قَوْلُهُ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ اهْدِنَا أَرْشِدْنَا وَقَالَ عَلِيٌّ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: ثَبِّتْنَا كَمَا يُقَالُ لِلْقَائِمِ قُمْ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ أَيْ دُمْ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ. وَهَذَا الدُّعَاءُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ كَوْنِهِمْ عَلَى الْهِدَايَةِ بِمَعْنَى التَّثْبِيتِ وَبِمَعْنَى طَلَبِ مَزِيدِ الْهِدَايَةِ لِأَنَّ الْأَلْطَافَ وَالْهِدَايَاتِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَتَنَاهَى عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ "الصِّرَاطَ" وَسِرَاطَ بِالسِّينِ رَوَاهُ أُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ وَهُوَ الْأَصْلُ، سُمِّيَ سِرَاطًا لِأَنَّهُ يَسْرُطُ السَّابِلَةَ، وَيُقْرَأُ بِالزَّايِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ بِإِشْمَامِ الزَّايِ، وَكُلُّهَا لُغَاتٌ صَحِيحَةٌ، وَالِاخْتِيَارُ: الصَّادُ، عِنْدَ أَكْثَرِ الْقُرَّاءِ لِمُوَافَقَةِ الْمُصْحَفِ.
وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ ﵄: هُوَ الْإِسْلَامُ وَهُوَ قَوْلُ مُقَاتِلٍ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁: هو القرآن ٥/أوَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ مَرْفُوعًا "الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ كِتَابُ اللَّهِ" (٢) وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ﵁: طَرِيقُ الْجَنَّةِ. وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: طَرِيقُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَقَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ: طَرِيقُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. [وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالْحَسَنُ: رَسُولِ اللَّهِ وَآلِهِ وَصَاحِبَاهُ] (٣) وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ.
قَوْلُهُ ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ أَيْ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ بِالْهِدَايَةِ وَالتَّوْفِيقِ قَالَ عِكْرِمَةُ: مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ بِالثَّبَاتِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ ﵈، وَقِيلَ: هُمْ كُلُّ مَنْ ثَبَّتَهُ اللَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ "فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ" (٦٩-النِّسَاءِ) الْآيَةَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ قَوْمُ مُوسَى وَعِيسَى ﵉ قَبْلَ أَنْ غَيَّرُوا دِينَهُمْ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابن زَيْدٍ: هُمُ النَّبِيُّ ﷺ وَمَنْ مَعَهُ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: هُمْ آلُ الرَّسُولِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ﵄ وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: هُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَهْلُ بَيْتِهِ.
قَرَأَ حَمْزَةُ: عَلَيْهُمْ وَلَدَيْهُمْ وَإِلَيْهُمْ بِضَمِّ هَاءَاتِهَا، وَيَضُمُّ يَعْقُوبُ كُلَّ هَاءٍ قَبْلَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ تَثْنِيَةً وَجَمْعًا إِلَّا قَوْلَهُ "بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ" (١٢-الْمُمْتَحِنَةِ) وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِهِمَا، فَمَنْ ضَمَّ الْهَاءَ رَدَّهَا إِلَى الْأَصْلِ لِأَنَّهَا مَضْمُومَةٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَمَنْ (كَسَرَهَا) (٤) فَلِأَجْلِ الْيَاءِ السَّاكِنَةِ وَالْكَسْرَةُ أُخْتُ الْيَاءِ وَضَمَّ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ كُلَّ مِيمِ جَمْعٍ مُشْبِعًا فِي الْوَصْلِ إِذَا لَمْ يَلْقَهَا سَاكِنٌ فَإِنْ لَقِيَهَا سَاكِنٌ فَلَا يُشْبِعُ، وَنَافِعٌ يُخَيِّرُ، وَيَضُمُّ وَرْشٌ عِنْدَ أَلِفِ
(١) في أ، ب (الاستطاعة) . (٢) أخرجه الطبري في التفسير: ١ / ١٧١-١٧٢، وضعفه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الطبري. (٣) ساقط من ب. (٤) في ب: كسر.
1 / 54