Tafsir Al-Baghawi
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Editor
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Penerbit
دار طيبة للنشر والتوزيع
Edisi
الرابعة
Tahun Penerbitan
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
فَأَمَرَ ابْنَيْهِ أَنْ يَخْرُجَا بِالنَّاسِ فَيُقَاتِلَا ذَلِكَ الْعَدُوَّ فَخَرَجَا وَأَخْرَجَا مَعَهُمَا التابوت فلما تهيؤوا لِلْقِتَالِ جَعَلَ عَيْلَى يَتَوَقَّعُ الْخَبَرَ مَاذَا صَنَعُوا فَجَاءَهُ رَجُلٌ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيِّهِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ النَّاسَ قَدِ انْهَزَمُوا وَأَنَّ ابْنَيْكَ قَدْ قُتِلَا قَالَ فَمَا فَعَلَ التَّابُوتُ؟ قَالَ ذَهَبَ بِهِ الْعَدُوُّ، فَشَهِقَ وَوَقَعَ عَلَى قَفَاهُ مِنْ كُرْسِيِّهِ وَمَاتَ فَمَرَجَ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَتَفَرَّقُوا إِلَى أَنْ بَعَثَ اللَّهُ طَالُوتَ مَلِكًا فَسَأَلُوهُ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ.
وَكَانَتْ قِصَّةُ التَّابُوتِ، أَنَّ الَّذِينَ سَبَوُا التَّابُوتَ أَتَوْا بِهِ قَرْيَةً مِنْ قُرَى فِلَسْطِينَ يُقَالُ لَهَا ازْدَوَدُ وَجَعَلُوهُ فِي بَيْتِ صَنَمٍ لَهُمْ، وَوَضَعُوهُ تَحْتَ الصَّنَمِ الْأَعْظَمِ، فَأَصْبَحُوا مِنَ الْغَدِ وَالصَّنَمُ تَحْتَهُ فَأَخَذُوهُ وَوَضَعُوهُ فَوْقَهُ وَسَمَّرُوا قَدَمِيِ الصَّنَمِ عَلَى التَّابُوتِ فَأَصْبَحُوا وَقَدْ قُطِعَتْ يَدُ الصَّنَمِ وَرِجْلَاهُ وَأَصْبَحَ مُلْقًى تَحْتَ التَّابُوتِ وَأَصْبَحَتْ أَصْنَامُهُمْ مُنَكَّسَةً فَأَخْرَجُوهُ مِنْ بَيْتِ الصَّنَمِ وَوَضَعُوهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ مَدِينَتِهِمْ فَأَخَذَ أَهْلَ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَجَعٌ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى هَلَكَ أَكْثَرُهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ إِلَهَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يَقُومُ لَهُ شَيْءٌ، فَأَخْرِجُوهُ إِلَى قَرْيَةِ كَذَا فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَأْرًا فَكَانَتِ الْفَأْرَةُ تَبِيتُ مَعَ الرَّجُلِ فَيُصْبِحُ مَيِّتًا قَدْ أَكَلَتْ مَا فِي جَوْفِهِ فَأَخْرَجُوهُ إِلَى الصَّحْرَاءِ فَدَفَنُوهُ فِي مَخْرَأَةٍ لَهُمْ فَكَانَ كُلُّ مَنْ تَبَرَّزَ هُنَاكَ أَخَذَهُ الْبَاسُورُ وَالْقُولَنْجُ فَتَحَيَّرُوا، فَقَالَتْ لَهُمُ امْرَأَةٌ كَانَتْ عِنْدَهُمْ مِنْ سَبْيِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ لَا تَزَالُونَ تَرَوْنَ مَا تَكْرَهُونَ مَا دَامَ هَذَا التَّابُوتُ فِيكُمْ فَأَخْرِجُوهُ عَنْكُمْ، فَأَتَوْا بِعَجَلَةٍ بِإِشَارَةِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَحَمَلُوا عَلَيْهَا التَّابُوتَ ثُمَّ عَلَّقُوهَا عَلَى ثَوْرَيْنِ وَضَرَبُوا جَنُوبَهُمَا فَأَقْبَلَ الثَّوْرَانِ يَسِيرَانِ وَوَكَّلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمَا أَرْبَعَةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَسُوقُونَهُمَا فَأَقْبَلَا حَتَّى وَقَفَا عَلَى أَرْضِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَسَرَا نَيْرَيْهِمَا وَقَطَعَا حِبَالَهُمَا وَوَضَعَا التَّابُوتَ فِي أَرْضٍ فِيهَا حَصَادُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَرَجَعَا إِلَى أَرْضِهِمَا فَلَمْ يُرَعْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا بِالتَّابُوتِ فَكَبَّرُوا وَحَمِدُوا اللَّهَ (١) فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ أَيْ تَسُوقُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: جَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالتَّابُوتِ تَحْمِلُهُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى وَضَعَتْهُ عِنْدَ طَالُوتَ، وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ التَّابُوتُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ فَلَمَّا وَلِيَ طَالُوتُ الْمُلْكَ حَمَلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَوَضَعَتْهُ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ قَتَادَةُ بَلْ كَانَ التَّابُوتُ فِي التِّيهِ خَلَّفَهُ مُوسَى عِنْدَ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ فَبَقِيَ هُنَاكَ فَحَمَلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى وَضَعَتْهُ فِي دَارِ طَالُوتَ فَأَقَرُّوا بِمُلْكِهِ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ لَعِبْرَةً ﴿لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: إِنَّ
(١) كل هذا من أخبار بني إسرائيل الذين غيروا وبدلوا، فالله أعلم بصحتها.
1 / 300