232

Tafsir Al-Baghawi

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Penyiasat

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Penerbit

دار طيبة للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الرابعة

Tahun Penerbitan

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

﴿فَإِنْ زَلَلْتُمْ﴾ أَيْ ضَلَلْتُمْ، وَقِيلَ: مِلْتُمْ، يُقَالُ زَلَّتْ قَدَمُهُ تَزِلُّ زَلَّا وَزَلَلًا إِذَا دَحَضَتْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الشِّرْكَ، قَالَ قَتَادَةُ: قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ سَيَزِلُّ زَالُّونَ مِنَ النَّاسِ فَتَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ وَأَوْعَدَ فِيهِ لِيَكُونَ لَهُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ أَيِ الدَّلَالَاتُ الْوَاضِحَاتُ ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ﴾ فِي نِقْمَتِهِ ﴿حَكِيمٌ﴾ فِي أَمْرِهِ، فَالْعَزِيزُ: هُوَ الْغَالِبُ الَّذِي لَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ وَالْحَكِيمُ: ذُو الْإِصَابَةِ فِي الْأَمْرِ. قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ﴾ أَيْ هَلْ يَنْظُرُ التَّارِكُونَ الدُّخُولَ فِي السِّلْمِ وَالْمُتَّبِعُونَ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ يُقَالُ: نَظَرْتُهُ وَانْتَظَرْتُهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَإِذَا كَانَ النَّظَرُ مَقْرُونًا بِذِكْرِ اللَّهِ أَوْ بِذِكْرِ الْوَجْهِ أَوْ إِلَى، لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِمَعْنَى الرُّؤْيَةِ ﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ﴾ جَمْعُ ظُلَّةٍ ﴿مِنَ الْغَمَامِ﴾ السَّحَابِ الْأَبْيَضِ الرَّقِيقِ سُمِّيَ غَمَامًا لِأَنَّهُ يَغُمُّ أَيْ يَسْتُرُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ غَيْرُ السَّحَابِ، وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي تِيهِهِمْ: قَالَ مُقَاتِلٌ: كَهَيْئَةِ الضَّبَابِ أَبْيَضُ، قَالَ الْحَسَنُ: فِي سُتْرَةٍ مِنَ الْغَمَامِ فَلَا يَنْظُرُ [إِلَيْهِ] (١) أَهْلُ الْأَرْضِ ﴿وَالْمَلَائِكَةُ﴾ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ بِالْخَفْضِ عَطْفًا عَلَى الْغَمَامِ، تَقْدِيرُهُ: مَعَ الْمَلَائِكَةِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَقْبَلَ الْأَمِيرُ فِي الْعَسْكَرِ، أَيْ مَعَ الْعَسْكَرِ، وقرأ الباقون الرفع عَلَى مَعْنَى: إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ وَالْمَلَائِكَةُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ، وَالْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَمَا شَاكَلَهَا أَنْ يُؤْمِنَ الْإِنْسَانُ بِظَاهِرِهَا وَيَكِلَ عِلْمَهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ اسْمُهُ مُنَزَّهٌ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ، عَلَى ذَلِكَ مَضَتْ أَئِمَّةُ السَّلَفِ وَعُلَمَاءُ السُّنَّةِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: هَذَا مِنَ الْمَكْتُومِ الَّذِي لَا يُفَسَّرُ، وَكَانَ مَكْحُولٌ وَالزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَقُولُونَ فِيهَا وَفِي أَمْثَالِهَا: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفٍ، قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كُلُّ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ فَتَفْسِيرُهُ قِرَاءَتُهُ، وَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يفسره إلأ ٣٣/أاللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ أَيْ وَجَبَ الْعَذَابُ، وَفُرِغَ مِنَ الْحِسَابِ، وَذَلِكَ فَصْلُ ﴿اللَّهِ﴾ (٢) الْقَضَاءُ بِالْحَقِّ بَيْنَ الْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ.

(١) في ب: إليهم. (٢) زيادة من (ب) .

﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢١١)﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ أَيْ سَلْ يَا مُحَمَّدُ يَهُودَ الْمَدِينَةِ ﴿كَمْ آتَيْنَاهُمْ﴾ أَعْطَيْنَا آبَاءَهُمْ وَأَسْلَافَهُمْ ﴿مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ﴾ دَلَالَةٍ وَاضِحَةٍ عَلَى نُبُوَّةِ مُوسَى ﵇، مِثْلَ الْعَصَا وَالْيَدِ الْبَيْضَاءِ، وَفَلْقِ

1 / 241