Tafsir Al-Baghawi
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Penyiasat
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Penerbit
دار طيبة للنشر والتوزيع
Nombor Edisi
الرابعة
Tahun Penerbitan
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا" (١) وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَحِلُّ هَدْيِ الْمُحْصَرِ الْحَرَمُ، فَإِنْ كَانَ حَاجًّا فَمَحِلُّهُ يَوْمُ النَّحْرِ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا فَمَحِلُّهُ يَوْمَ يَبْلُغُ هَدْيُهُ الْحَرَمَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ﴾ مَعْنَاهُ لَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ إِلَّا أَنْ تَضْطَرُّوا إِلَى حَلْقِهِ لِمَرَضٍ أَوْ لِأَذًى فِي الرَّأْسِ مِنْ هَوَامٍّ أَوْ صُدَاعٍ ﴿فَفِدْيَةٌ﴾ فِيهِ إِضْمَارٌ، أَيْ: فَحَلَقَ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ نَزَلَتْ فِي كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحَيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ خَلَفٍ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَآهُ وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قَالَ نَعَمْ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَحْلِقَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يُحِلُّونَ بِهَا وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزِلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ أَوَيُهْدِيَ شَاةً أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (٢) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ﴾ أَيْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ﴿أَوْ صَدَقَةٍ﴾ أَيْ ثَلَاثَةِ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ ﴿أَوْ نُسُكٍ﴾ وَاحِدَتُهَا نَسِيكَةٌ أَيْ ذَبِيحَةٌ، أَعْلَاهَا بَدَنَةٌ وَأَوْسَطُهَا بَقَرَةٌ وَأَدْنَاهَا شَاةٌ، أَيَّتَهَا شَاءَ ذَبْحَ، فَهَذِهِ الْفِدْيَةُ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرِ، وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَذْبَحَ أَوْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ، وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ طَعَامٍ يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ يَكُونُ بِمَكَّةَ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ إِلَّا هَدْيًا يَلْزَمُ الْمُحْصَرَ فَإِنَّهُ يَذْبَحُهُ حَيْثُ أُحْصِرَ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ حَيْثُ شَاءَ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ﴾ أَيْ من خوفكم وبرأتم مِنْ مَرَضِكُمْ ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمُتْعَةِ فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: فَمَنْ أُحْصِرَ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ فَقَدِمَ مَكَّةَ يَخْرُجُ مِنْ إِحْرَامِهِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَاسْتَمْتَعَ بِإِحْلَالِهِ ذَلِكَ بِتِلْكَ الْعُمْرَةِ إِلَى السَّنَةِ الْمُسْتَقْبِلَةِ ثُمَّ حَجَّ فَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِذَلِكَ الْإِحْلَالِ إِلَى إِحْرَامِهِ الثَّانِي فِي الْعَامِ الْقَابِلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ﴾ وَقَدْ حَلَلْتُمْ مِنْ إِحْرَامِكُمْ بَعْدَ الْإِحْصَارِ وَلَمْ تَقْضُوا عُمْرَةً، وَأَخَّرْتُمُ الْعُمْرَةَ إِلَى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ، فَاعْتَمَرْتُمْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَلَلْتُمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِإِحْلَالِكُمْ إِلَى الْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمْتُمْ بِالْحَجِّ، فَعَلَيْكُمْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَجَمَاعَةٌ: هُوَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ مُعْتَمِرًا مِنْ أُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَقَضَى عُمْرَتَهُ وَأَقَامَ حَلَالًا بِمَكَّةَ حَتَّى أَنْشَأَ مِنْهَا الْحَجَّ فَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُسْتَمْتِعًا بِالْإِحْلَالِ مِنَ الْعُمْرَةِ إِلَى إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، فَمَعْنَى التَّمَتُّعِ هُوَ الِاسْتِمْتَاعُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْعُمْرَةِ بِمَا كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ فِي الْإِحْرَامِ إِلَى إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ.
(١) رواه البخاري: في الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب ٥ / ٣٢٩ -٣٣٣. (٢) رواه البخاري في المحصر باب قوله تعالى (فمن كان منكم مريضا) ٤ / ١٢. ومسلم في الحج باب جواز حلق الرأس للمحرم برقم (١٢٠١) ٢ / ٨٦٠.
1 / 223