Tafsir Al-Baghawi
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Penyiasat
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Penerbit
دار طيبة للنشر والتوزيع
Nombor Edisi
الرابعة
Tahun Penerbitan
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧) وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (١١٩)﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أَيْ مُبْدِعُهَا وَمُنْشِئُهَا مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا﴾ أَيْ قَدَّرَهُ، وَقِيلَ: أَحْكَمَهُ وَقَدَّرَهُ [وَأَتْقَنَهُ، وَأَصْلُ الْقَضَاءِ: الْفَرَاغُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِمَنْ مَاتَ: قُضِيَ عَلَيْهِ لِفَرَاغِهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَمِنْهُ قَضَاءُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ] (١) لِأَنَّهُ فَرَغَ مِنْهُ تَقْدِيرًا وَتَدْبِيرًا.
﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ كُنْ فَيَكُونَ بِنَصْبِ النُّونِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ إِلَّا فِي آلِ عِمْرَانَ "كُنْ فَيَكُونُ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ" وَفِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ "كُنْ فَيَكُونُ، قَوْلُهُ الْحَقُّ" وَإِنَّمَا نَصَبَهَا لِأَنَّ جَوَابَ الْأَمْرِ بِالْفَاءِ يَكُونُ مَنْصُوبًا [وَافَقَهُ الْكِسَائِيُّ فِي النَّحْلِ وَيس (٢)]، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى فَهُوَ يَكُونُ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ قَالَ ﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ وَالْمَعْدُومُ لَا يُخَاطَبُ، قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مَعْنَاهُ فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ أَيْ لِأَجْلِ تَكْوِينِهِ، فَعَلَى هَذَا ذَهَبَ مَعْنَى الْخِطَابِ، وَقِيلَ: هُوَ وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا وَلَكِنَّهُ لِمَا قُدِّرَ وُجُودُهُ وَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ كَانَ كَالْمَوْجُودِ فَصَحَّ الْخِطَابُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: الْيَهُودُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: النَّصَارَى، وَقَالَ قَتَادَةُ: مُشْرِكُو الْعَرَبِ ﴿لَوْلَا﴾ هَلَّا ﴿يُكَلِّمُنَا اللَّهُ﴾ عِيَانًا بِأَنَّكَ رَسُولُهُ وَكُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ "لَوْلَا" فَهُوَ بِمَعْنَى هَلَّا إِلَّا وَاحِدًا، وَهُوَ قَوْلُهُ "فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ" (١٤٣-الصَّافَّاتِ) مَعْنَاهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ﴿أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ﴾ دَلَالَةٌ وَعَلَامَةٌ عَلَى صِدْقِكَ فِي ادِّعَائِكَ النُّبُوَّةَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أَيْ كُفَّارُ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ ﴿مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أَيْ أَشْبَهَ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الْكُفْرِ وَالْقَسْوَةِ وَطَلَبِ الْمُحَالِ ﴿قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾
﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾ أَيْ بِالصِّدْقِ كَقَوْلِهِ "وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ" (٥٣-يُونُسَ) أَيْ صِدْقٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: بِالْقُرْآنِ دَلِيلُهُ "بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ" (٥-ق) وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: بِالْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ ﷿: "وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ" (٨١-الْإِسْرَاءِ) وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَعْنَاهُ لَمْ
(١) زيادة من ب. (٢) زيادة من ب.
1 / 142