Tafsir Al-Baghawi
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Penyiasat
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Penerbit
دار طيبة للنشر والتوزيع
Nombor Edisi
الرابعة
Tahun Penerbitan
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مُفَصَّلَاتٍ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ ﴿وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ﴾ الْخَارِجُونَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ ﷿.
﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠٠) وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١)﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿أَوَكُلَّمَا﴾ وَاوُ الْعَطْفِ دَخَلَتْ عَلَيْهَا أَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ ﴿عَاهَدُوا عَهْدًا﴾ يَعْنِي الْيَهُودَ عَاهَدُوا لَئِنْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ كَفَرُوا بِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: لَمَّا ذَكَّرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ (مِنَ الْمِيثَاقِ) (١) وَعُهِدَ إِلَيْهِمْ فِي مُحَمَّدٍ أَنْ يُؤْمِنُوا، بِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ: وَاللَّهِ مَا عُهِدَ إِلَيْنَا فِي مُحَمَّدٍ عَهْدٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ (٢) يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ أَبِي رجاء العطاردي "أو كلما عَاهَدُوا" فَجَعَلَهُمْ مَفْعُولَيْنِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: هِيَ الْعُهُودُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبين اليهود ١٦/أأَنْ لَا يُعَاوِنُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِهِ فَنَقَضُوهَا كَفِعْلِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ (٣) دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى "الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ" (٥٦-الْأَنْفَالِ)، ﴿نَبَذَهُ﴾ طَرَحَهُ وَنَقَضَهُ ﴿فَرِيقٌ﴾ طَوَائِفُ ﴿مِنْهُمْ﴾ الْيَهُودُ ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾
(١) ساقط من ب. (٢) الأثر أخرجه الطبري: ٢ / ٤٠١، وهو في سيرة ابن هشام: ٢ / ١٩٦. (٣) العبارة بنصها في الواحدي: ١ / ١٦٢ مع زيادة. وانظر: القرطبي: ٢ / ٤٠، البحر المحيط: ١ / ٣٢٣.
﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣)﴾
﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا ﴿مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ﴾ يَعْنِي التَّوْرَاةَ وَقِيلَ: الْقُرْآنَ ﴿كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانُوا يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهَا، وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: أَدْرَجُوهَا فِي الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَحَلَّوْهَا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهَا فَذَلِكَ نَبْذُهُمْ لَهَا (١)
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاتَّبَعُوا﴾ يَعْنِي الْيَهُودَ ﴿مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ أَيْ: مَا تَلَتْ، وَالْعَرَبُ تَضَعُ الْمُسْتَقْبَلَ مَوْضِعَ الْمَاضِي، وَالْمَاضِي مَوْضِعَ الْمُسْتَقْبَلِ، وَقِيلَ: مَا كُنْتَ تَتْلُو أَيْ تَقْرَأُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵁:
(١) تفسير الواحدي ١ / ١٦٣، القرطبي: ١ / ١٦، القرطبي: ٢ / ٤١، البحر المحيط: ١ / ٣٢٥.
1 / 126