49

Tafsir

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Genre-genre

Tafsiran

[45]

قوله تعالى : { واستعينوا بالصبر والصلاوة } ؛ أي استعينوا على ما استقبلكم من أنواع البلايا. وقيل : على طلب الآخرة بالصبر على أداء الفرائض ؛ وبالصلاة على تمحيص الذنوب. وقيل : استعينوا بالصبر والصلاة على ما يذهب منكم من الرئاسة والمأكلة باتباع محمد صلى الله عليه وسلم.

وقال مجاهد : (الصبر في هذه الآية الصوم). وقيل : (الواو) هنا بمعنى (على) ؛ تقديره : استعينوا فيما ينوبكم بالصبر على الصلاة ؛ كقوله تعالى : { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها }[طه : 132].

وروي أن ابن عباس نعيت إليه بنت له وهو في سفر ؛ فاسترجع ، ثم قال : (عورة سترها الله ؛ ومؤنة كفاها الله ؛ وأجر ساقه الله). ثم نزل فصلى ركعتين. ثم قال : (صنعنا ما أمرنا الله به : واستعينوا بالصبر والصلاة).

وأصل الصبر هو الحبس ، يقال : قتل فلان صبرا ؛ إذا حبس حيا حتى مات ، وقيل : الصبر هو الصوم ؛ ويسمى شهر رمضان شهر الصبر ، وسمي الصوم صبرا ؛ لأن صاحبه يحبس نفسه عن الطعام والشراب.

قوله عز وجل : { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } ؛ يحتمل أن لها كناية عن الصلاة ؛ لأنها أشرف الطاعات ، ويحتمل أن تكون عن الاستعانة ، ويحتمل أن يكون المراد بها الصبر والصلاة جميعا ، كما قال الله تعالى : { والله ورسوله أحق أن يرضوه }[التوبة : 62] فاكتفى بذكر أحدهما دلالة على الآخر. ونظير القول الأول قوله تعالى : { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها }[التوبة : 34] رد الكناية إلى الفضة لأنها أغلب وأعم. وقال تعالى : { وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها }[الجمعة : 11] رد الكناية إلى التجارة لأنها الأهم والأفضل. وقال الأخفش : (رد الكناية إلى كل واحدة منهما ؛ أراد كل خصلة منهما الكبيرة كقوله تعالى : { كلتا الجنتين آتت أكلها }[الكهف : 33] يعني كل واحدة منهما ، وقال تعالى : { وجعلنا ابن مريم وأمه آية }[المؤمنون : 50] ولم يقل آيتين ؛ أراد جعلنا كل واحد منهما آية).

قوله تعالى : { وإنها لكبيرة } أي ثقيلة شديدة إلا على الخاشعين ؛ أي المؤمنين . وقيل : إلا العابدين المطيعين. وقيل : الخائفين. وقيل : المتواضعين. وقال الزجاج : (الخاشع الذي يرى أثر الذل والخشوع عليه ؛ ويقال : خشع ؛ إذا رمى ببصره إلى الأرض ، وأخشع إذا طأطأ رأسه للسجود). والخشوع والخضوع نظيران ؛ إلا أن الخضوع يكون بالبدن والخشوع بالبصر والصوت والقلب كما قال تعالى : { خاشعة أبصارهم }[القلم : 43]{ وخشعت الأصوات }[طه : 108]{ أن تخشع قلوبهم }[الحديد : 16].

Halaman 49