211

Tafsir

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Genre-genre

Tafsiran

[229]

قوله عز وجل : { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } ؛ قال عروة بن الزبير وقتادة في معنى هذه الآية : (إن الطلاق الذي يملك فيه الرجعة مرتان ؛ فإنه بعد الطلقة الثالثة لا يملك الرجعة). وفي الآية ما يدل على هذا ؛ لأن الله عقبه بقوله : { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان }. وعن ابن عباس ومجاهد : (أن المراد بالآية بيان طلاق السنة).

وقوله : { الطلاق مرتان } لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر والندب ، وفي لفظ المرتين دليل على أن التفريق سنة ؛ لأن من طلق اثنتين معا لا يقال طلقها مرتين ، وليس في هذه الآية كيفية سنة التفريق. وقد فسره الله تعالى بقوله : { إذا طلقتم النسآء فطلقوهن لعدتهن }[الطلاق : 1] وأراد بذلك تفريق الطلاق على إظهار العدة ؛ ألا ترى أنه تعالى خاطب الرجال إحصاء العدة ، وذكر الرجعة في سياق الآية بقوله : { لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا }[الطلاق : 1] وعلى هذا قال صلى الله عليه وسلم لابن عمر حين طلق امرأته في حال الحيض : " ما هكذا أمرك ربك ؛ إنما أمرك أن تستقبل الطهر استقبالا ، فطلقها لكل قرء تطليقة ؛ فإنها العدة التي أمر الله أن يطلق فيها النساء ".

قوله تعالى : { فإمساك بمعروف } أي عليكم إمساكهن بحسن الصحبة والمعاشرة إذا أردتم الرجعة ، { أو تسريح بإحسان } أي يتركوهن حتى ينقضي تمام الطهر ويكن أملك لأنفسهن. " وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية ؛ فقيل له : أين التطليقة الثالثة ؟ فقال : [في قوله : { أو تسريح بإحسان } ] ".

قوله عز وجل : { ولا يحل لكم أن تأخذوا ممآ آتيتموهن شيئا إلا أن يخافآ ألا يقيما حدود الله } ؛ قال ابن عباس : " نزلت في جميلة بنت عبدالله بن أبي ابن سلول وفي زوجها ثابت بن قيس ، كانت تبغضه بغضا شديدا لا تقدر على النظر إليه ، وكان يحبها حبا شديدا لا يقدر على أن يصبر عنها ؛ وكان بينهما كلام ، فأتت أباها فشكت عليه وقالت : إنه يضربني ويسيء إلي! فقال لها : ارجعي إلى زوجك ، فأتته الثانية وبها أثر الضرب ، فشكت إليه فقال لها : ارجعي إلى زوجك. فلما رأت أنه لا يشكيها ولا ينظر في أمرها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت عليه وأرته أثر الضرب بها ، فقالت : يا رسول الله ، لا أنا ولا هو ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثابت وقال : [يا ثابت ، ما لك ولأهلك؟] قال : والذي بعثك بالحق نبيا ؛ ما على الأرض شيء أحب إلي منها غيرك ، لكنها لا تطيعني ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : [ما تقولين؟] فكرهت أن تكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : ما كنت أحدثك اليوم حديثا ينزل عليك خلافه غدا ، هو من أكرم الناس لزوجته لا أعيب عليه في دين ولا خلق ، ولكني أبغضه لا أنا ولا هو. فقال ثابت : قد أعطيتها حديقة لي ، قل لها فلتردها علي وأنا أخلي سبيلها ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : [أتردين عليه حديقته وتملكين أمرك؟] قالت : نعم ، وزيادة. فأنزل الله قوله : { ولا يحل لكم أن تأخذوا ممآ آتيتموهن شيئا إلا أن يخافآ ألا يقيما حدود الله } الآية ، فقال صلى الله عليه وسلم : [أما الزيادة فلا] ثم قال لثابت : خذ منها ما أعطيتها وخل سبيلها ، ففعل "

Halaman 211