178

Tafsir

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Genre-genre

Tafsiran

[193]

قوله عز وجل : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } ؛ أي قاتلوا المشركين حتى لا يكون شرك ؛ أي قاتلوهم حتى يسلموا ، فليس يقبل من الوثني جزية ولا يرضى منه إلا بالإسلام ، وليسوا كأهل الكتاب الذين يؤخذ منهم الجزية. والحكمة في ذلك : أن مع أهل الكتاب كتبا منزلة فيها الحق وإن كانوا قد أهملوها ، فأمهلهم الله بحرمة تلك الكتب من القتل وأمر بإذلالهم بالجزية ، ولينظروا في كتبهم وليدبروها فيقفوا على الحق منها فيتبعوه. وأما أهل الأوثان فليس لهم كتب ترشدهم إلى الحق وكان إمهالهم زائدا في شركهم ؛ فأبى الله أن يرضى منهم إلا بالإسلام أو القتل.

قوله تعالى : { ويكون الدين لله } ؛ أي وتكون الطاعة لله وحده وأن لا يعبدوا دونه شيئا. قوله تعالى : { فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين } ؛ أي { فإن انتهوا } عن القتال والكفر { فلا عدوان } أي فلا سبيل ولا حجة في القتل في الحرم والشهر الحرام إلا على الظالمين. قال قتادة وعكرمة : (في هذه الآية الظالم الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله). وإنما سمي الكافر ظالما لوضعه العبادة في غير موضعها. وقيل : معناه : فلا عدوان إلا على الذين يبدأون بالقتال. ومن الدليل على أن هذه الآية غير ناسخة للأولى : أنها معها في خطاب واحد ، ولا يصح النسخ إلا بعد التمكن من الفعل.

قال ابن عباس : فسار النبي صلى الله عليه وسلم فأخلى له أهل مكة الحرم ثلاثة أيام ؛ فدخل هو وأصحابه فطافوا ونحروا الهدي وأقاموا بمكة حتى قضوا حاجتهم من البيت ، ثم رجعوا ، فأنزل الله قوله تعالى : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } ؛ أي الشهر الذي دخلت فيه مكة وهو ذو القعدة ، واعتمرت فيه أنت وأصحابك وقضيتم من مكة فيه وطركم في سنة سبع بالشهر الحرام وهو ذو القعدة أيضا الذي صدوك فيه عن البيت أنت وأصحابك ومنعوكم من مرادكم في سنة ست.

وقوله تعالى : { والحرمات قصاص } أي اقتصصت لكم منهم في الشهر الحرام في ذي القعدة كما صدوكم في ذي القعدة مراغمة. { والحرمات قصاص } جمع الحرمة كالظلمات جمع الظلمة ، والحجرات جمع حجرة. والحرمة : ما يجب حفظه وترك انتهاكه ، وإنما جمع (الحرمات) لأنه أراد الشهر الحرام والبلد الحرام ؛ وحرمة الإحرام. والقصاص : المساواة ؛ وهو أن يفعل بالفاعل كما فعل.

قوله عز وجل : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } أي { فمن اعتدى عليكم } بالقتال في الحرم فكافئوه وقاتلوه كمثل ما فعل. وسمى الجزاء اعتداء على مقابلة اللفظ.

قوله تعالى : { واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين } ؛ أي (اتقوا الله) في كل ما أمرتم به ونهيتم عنه { واعلموا أن الله مع المتقين } بالنصر والمعونة.

Halaman 178