133

Tafsir

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Genre-genre

Tafsiran

[142]

قوله تعالى : { سيقول السفهآء من الناس } ؛ أي الجهال : { ما ولاهم عن قبلتهم } ؛ أي ما صرفهم وحولهم عن قبلتهم ؛ { التي كانوا عليها } ؛ يعني بيت المقدس. نزلت في اليهود ومشركي مكة ومنافقي المدينة ؛ طعنوا في تحويل القبلة ، وقال مشركو مكة : قد تردد على محمد أمره ، واشتاق إلى مولده ومولد آبائه ؛ وقد توجه نحو قبلتهم ؛ وهو راجع إلى دينكم عاجلا. فقال الله تعالى : { قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشآء إلى صراط مستقيم } ؛ أي لله المشرق والمغرب ملكا وخلقا ؛ والخلق عبيد يحولهم كيف يشاء.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة إلى الكعبة ، وكان يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس ، فلما هاجر إلى المدينة أمر بأن يصلي إلى بيت المقدس لئلا يكذبه اليهود ؛ لأن نعته في التوراة أن يكون صاحب قبلتين ؛ يصلي إلى بيت المقدس نحو مدة سبعة عشر شهرا أو ثمانية عشر شهرا ، ثم يأمره الله تعالى بالتحويل إلى الكعبة ليمتحن أهل الإسلام ، فيظهر من تبع الرسول من غيرهم من منافقي اليهود.

فلما حولت القبلة إلى الكعبة بعد إقامة الحجة على الكفار ، علم أنهم يقولون في نسخ القبلة أشياء يؤذون بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبر الله تعالى نبيه بما سيقولون في المستأنف ؛ ليعجل السكن ويعرف أن ذلك من باب الوحي والغيب كما كان أخبر الله تعالى.

ومعناه : سيقول السفهاء وهم اليهود وكفار مكة : ما الذي صرف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن قبلتهم بيت المقدس ؛ قل يا محمد : لله المشرق والمغرب { يهدي من يشآء إلى صراط مستقيم } إلى طريق قويم ؛ وهو الإسلام وقبلة الكعبة.

وقوله تعالى : { لله المشرق والمغرب } أي من كان مالك المشرق والمغرب لا يعترض عليه في جميع ما يأمر ، ويجوز أن يكون معناه : أن الله خالق الأماكن كلها ، فليس بعض ما خلق أولى أن يجعل قبلة في العقل من بعض ، فوجب الانتهاء إلى أمر الله باستقبال ما شاء الله.

Halaman 133