واللام في قوله: ﴿لِيُبَيِّنَ﴾ زائدة قد تفيد التعليل، وقد لا تفيد التعليل وتكون للتعدية، لكنها لو حذفت فقيل: يريد الله أن يبين لكم؛ كقوله: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٢٧] لصح الكلام، لكنها وجدت، ويقولون: كل لام جر بعد الإرادة فهي زائدة تقول: أردت لكذا؛ أي: أردتُ كذا.
وقوله: ﴿لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾: البيان هنا يشمل البيان اللفظي والبيان المعنوي، وكلاهما واقع، قال الله ﷿ لرسوله محمد ﷺ ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩)﴾ [القيامة: ١٦ - ١٩] أي: إظهاره، وكان الرسول ﵊ إذا ألقى عليه جبريل القرآن يتعجل - يسرع - يختطفه منه حبًا له وشفقة عليه (^١)؛ أي: حبًّا للقرآن وشفقة عليه، فقيل له: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧)﴾، وقوله: علينا: الضمير يعود على الله والمراد جبريل، فإنه هو الذي يقرأ على النبي ﷺ، ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾ أي: قرأه جبريل ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩)﴾ البيان اللفظي والمعنوي.
قوله: ﴿وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾:
يهديكم هداية الدلالة وهداية التوفيق، أما هداية الدلالة فهي ما أنزله من الوحي والشرع، وأما هداية التوفيق فهي أن يوفق من شاء من عباده للزوم هذه الهداية.
ومن أمثلة الهداية التي بمعنى الدلالة: قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧] أي: دللناهم
(^١) رواه البخاري، كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي (٥)؛ ورواه مسلم، كتاب الصلاة، باب الإستماع للقراءة (٤٤٨) عن ابن عباس.