من الأمثلة الأخرى على هذه التحيزات، «التوافر الإرشادي» الذي قد يجعل البشر متحيزين إلى اتخاذ خيارات بناء على المقارنات التي تخطر على بالهم بسهولة. فعلى سبيل المثال، قد يتأثر اختيار أحد الأشخاص للكلية التي يلتحق بها بمحادثة قريبة أجراها مع صديق عن تجاربه في تلك الكلية، أكثر مما يتأثر بالمقارنات التفصيلية التي أجراها سابقا. يوجد مثال آخر أيضا على هذه التحيزات، وهو «الاستدلال العاطفي» الذي يربط التجارب بالحالات العاطفية، وغالبا ما تكون هذه الحالات العاطفية لا تمت بصلة إلى التجربة ذاتها. فقد تزيد نزعة الشخص مثلا إلى شراء بطاقة يانصيب بناء على تجارب سعيدة أو تعيسة مر بها مؤخرا، لا احتمالات المكسب والخسارة في ذلك اليوم بعينه.
إن التحيزات الناتجة من هذه الأنواع من الاستدلال، بمثابة نظائر عقلية للخدع البصرية،
23
لكنها ليست بالخدع البريئة على الإطلاق حين يتعلق الأمر بالتفكير النقدي. فلنتناول المثال الأكثر وضوحا وهو «التحيز التأكيدي»، الذي يتمثل في ميل الإنسان إلى قبول المعلومات التي تؤكد معتقداته الحالية، ونبذ المعلومات التي تتعارض مع تلك المعتقدات، ويمكن اعتباره سببا أساسيا في العديد من السلوكيات غير العقلانية والتصرفات الهمجية المتفشية في الكوكب في عصرنا الحاضر.
إن وجود التحيزات يعني أن القدرة على التفكير النقدي تستلزم ما هو أكثر من فهم الأدوات العقلية مثل المنطق والمهارات التي تتطور بتطبيق تلك الأدوات. وإنما يستلزم أيضا فهم عوامل التعصب التي يتعرض لها تفكيرنا المنطقي، وتدريب أنفسنا على التفكير في تلك النقائص والتحكم فيها. (6) نقطة تحول
وقعت «لحظة فارقة» عام 1983 في تدريس مهارات التفكير النقدي لطلاب التعليم العالي حين ألزم نظام جامعة ولاية كاليفورنيا جميع الطلاب بإكمال دورة تدريبية عن التفكير النقدي قبل التخرج، وكان من شأن تلك الدورة أن تساعدهم في «فهم العلاقة بين اللغة والمنطق؛ مما يؤدي إلى قدرتهم على تحليل الأفكار ونقدها ومناصرتها، والتفكير بالطرق الاستقرائية والاستنباطية، ثم الوصول إلى استنتاجات بشأن الحقائق أو الآراء بناء على استدلالات صحيحة مستمدة من ادعاءات غير غامضة من المعرفة أو الاعتقاد.»
24
كان هذا الشرط ينطوي على افتراضات كثيرة بشأن العناصر التي تشكل مهارات التفكير السديد، مع افتراض إمكانية تدريس تلك المهارات.
كان مؤيدو تشريع ولاية كاليفورنيا، وهم مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة التي شكلت «حركة التفكير النقدي»،
25
Halaman tidak diketahui