Tafkir Farida Islamiyya
التفكير فريضة إسلامية
Genre-genre
ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
ولسنا نعرف لغة وسعت من شعر الحب الإلهي ما وسعته اللغة العربية كثرة وتعددا في الأساليب، فإذا أضيفت إليها لغات الأمم الإسلامية؛ كالفارسية والتركية والأردية ولغات أهل الملايا، رجح ديوان هذا الشعر على المنظوم منه في جميع لغات العالم بلا استثناء الأناشيد الدينية التي ترتل في المعابد.
وقد اشتهرت الهند قديما بكثرة قصائدها وأناشيدها، ولكنها لم تستغن بعد دخول الإسلام إليها عن توفير ذخيرتها من تلك القصائد والأناشيد بترجمة الشعر الإسلامي واقتباسه في دعواتها وصلواتها، فترجم تاجور قصائد أستاذه «أكبر»، وترجم السردار جو كندراسنج
Singh
دعوات الأنصاري عبد الله إلى اللغة الإنجليزية.
وقال المهاتما غاندي في مقدمة الترجمة: «إن المترجم جدير بالتهنئة؛ لأنه يسر لنا أن نقرأ أقوال الصوفي عبد الله الأنصاري باللغة الإنجليزية. ولقد أعطى الإسلام العالم نخبة من الصوفيين لا يقلون عند الهنديين والمسيحيين، وإنه ليحسن في هذا الوقت الذي يعرض لنا الجحود في صورة الدين أن نذكر أنفسنا بخير ما أخرجته العقول المتدينة بجميع الأديان، وخير ما قالته، وألا نظل كتلك الضفدعة التي تظن في بئرها أن الكون كله ينتهي عند جدرانها. فلا يخطرن لنا أن ديانتنا وحدها هي التي تحتوي الحقيقة كلها، وأن ما عداها زيف وباطل ...»
وينبغي أن يكون شيوع التصوف بهذه الكثرة في بلاد الإسلام، فلا يستغرب ذلك كما يستغرب في البلاد التي تدين بأديان تتوسط فيها الكهانة ومراسم المعابد بين المرء ومعبوده؛ لأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يسمح باستقلال الصلة بين المخلوق والخالق، ويستطيع العابد فيه أن يتوجه إلى الله بضميره فردا بغير وساطة من سادن، ولا شعائر في محراب.
ومتى تفتح للمسلم طريق الاتصال بالله على شريعة الحب واستقلال الضمير، فليس في دينه ما يحجبه عن طلب الحكمة الإلهية من هذا الطريق، ولا من التعمق في استطلاع الحقائق وكشف الأسرار في الكون، وفيما بين سماء الله وأرضه من العجائب والخفايا، كما تعلم من آيات كتابه، ومن وصايا نبيه، ومن فريضة التفكير على التعميم.
وينبغي لسبب آخر أن يكون الصوفية من المسلمين بهذه الكثرة في بلاد الإسلام كافة؛ لأن الإسلام يرفض الرهبانية والانقطاع عن الدنيا، فلا ملاذ فيه للفرد إذا نبا به مجتمعه، وأنكر على قومه ما يخالف طريقته في العقيدة إلا أن يلجأ إلى ضميره، ويتخذ لنفسه مذهبه الذي يحاسب عليه نفسه، ولا يحاسب عليه سواه بين يدي الله.
فإذا فرقنا بين الصوفية والانقطاع عن الدنيا، فالديانات الأخرى قد أخرجت من الرهبان والنساك المنقطعين أكثر ممن أخرجهم الإسلام بغير مراء، إلا أن الأمر يختلف عند الكلام عن الصوفية الإسلامية؛ فإن عدد الصوفيين ذوي الآراء والأقوال بين المسلمين أكثر من أمثالهم في جميع الديانات الأخرى، وإذا جمعت أقوال المتصوفة في الإسلام ملأت الأسفار الكبار، وطرقت كل باب من أبواب الحكمة الإلهية عرفه المتدينون.
Halaman tidak diketahui