وقد اصطلح المضمار منذ أول نشأته على كلمة «هاو» وجمعها «هواة» من الفعل: هوى، يهوى، أي أحب واشتهى، فهي من كل وجه تصلح للاستخدام بمعنى «اماتير». فما ضر كتابنا الأدباء لو وافقونا على «هاو وهواة»، واجتنبوا خطأ استعمال «غاو وغواة»؟
عرب. تعريب. معرب
ويستعملون الفعل «عرب» وما يشتق منه، مكان الفعل «ترجم» ومشتقاته. فيقولون: «هذا الكتاب عربه فلان، أو تعريب فلان، أو لمعربه فلان». فيغيرون معنى الفعل ويحولون وجه استعماله؛ لأن التعريب إنما هو نقل الكلمة بلفظها من إحدى اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية. أما نقل معنى الكلمة أو الجملة أو المقالة أو الكتاب، فهو ترجمة. فبالتعريب ننقل مثلا الكلمات الآتية بألفاظها، ونقول: «سينماتوغراف» و«بيسكل» و«اتوموبيل»، وغيرها: كالتلغراف، والبنك، والفونوغراف، والتليفون. وبالترجمة نعبر عن معنى ثلث الكلمات الأولى بقولنا: «صور متحركة» و«دراجة» و«سيارة»، وقس عليه.
ولعل المولعين باستعمال كلمة «تعريب» يزعمون أن فيها معنى أرفع شأنا من معنى «ترجمة»، أو يرون لفظها أفخم وأفصح، وهو زعم باطل ورأي فائل. وقد سبقهم إلى الوقوع في مثل هذا الوهم بعض الكتاب المشتغلين بالصحافة، فإنهم طلقوا كلمة «كتابة» في الدلالة على صناعتهم، وأطلقوا عليها كلمة «تحرير»، وقالوا: «محرر» و«رئيس تحرير»، بدل: «كاتب» و«رئيس كتاب». مع أن التحرير مهما نتوسع في معناه، يظل دون مدلول الكتابة، ولكنهم عدلوا إليه لزعمهم أنه أفخم مبنى وأعظم معنى.
وقد وقع مثل ذلك في كلمة: «معلم»، ولكن عذر معلمي المدارس في عدولهم عنها إلى «مدرس» و«أستاذ»، شيوع استعمالها لغيرهم من أصحاب الحرف والصناعات، كالنجارين والبنائين وسواهم.
استلم استلام
ويقولون: «استلم فلان الشيء» و«أمضى وصول الاستلام». وهو شائع مستفيض بين كثير من الكتاب، فيستعملون هذا الفعل ومشتقاته بمعنى الأخذ والتناول، على خلاف المعنى الموضوع له وهو اللمس - بالتقبيل أو باليد - أو المسح بالكف. ومنه تيمن الحجاج في مكة المكرمة باستلام الحجر الأسود، الذي قيل له ذلك؛ لأنه اسود من لمسهم له عند استلامه. قال الفرزدق في الحسين بن علي بن أبي طالب:
يكاد يمسكه عرفان راحته
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
أما الفعل الذي يفيد معنى الأخذ والتناول فهو: تسلم. يقال: سلمه، وسلم إليه الشيء، فتسلمه، وأمضى وصول التسلم.
Halaman tidak diketahui