Tadhkira Fakhriyya
التذكرة الفخرية
يذكِّرنا ريَّا الأحبةِ كلما ... تنَّفس في جنحٍ من الليلِ باردِ
شقائقُ يحملنَ الندى وكأنَّها ... دموعُ التصابي في خدودِ الخرائدِ
ومثل هذا قول ابن الرومي:
لو كنتَ يوم الوداع حاضرنا ... وهنَّ يطفين غلّةَ الوجدِ
لم ترَ إلاّ الدموع سائلةً ... تقطرُ من مقلةٍ على خدِّ
كأنَّ تلك الدموع قطر ندى ... تقطرُ من نرجس على وردِ
والبيت الثالث أردتُ، ومثله:
كأنَّ الدموع على خدِّها ... بقيّة طلّ على جلّنار
ومثله أيضًا، ولم يذكر الندى:
فأمطرت لؤلؤًا من نرجس فسقت ... وردًا وعضَّت على العنّاب بالبردِ
وقال أبو نواس:
لنا نرجسٌ غضُّ القطافِ كأنَّه ... إذا ما منحناهُ العيونَ عيونُ
مخالفةٌ في شكلهنَّ فصفرةٌ ... مكانَ سوادٍ والبياضُ جفونُ
وقال أبو هلال العسكري في الورد:
مرّ بنا يهتزّ في خطوهِ ... ما بينَ أغصانٍ وأقمارِ
يدير في أنملهِ وردةً ... جاءتْ عن المسكِ بأخبارِ
يلوحُ في حمرتِها صفرةٌ ... كالخدِّ منقوطًا بدينارِ
وقال ابن المعتز:
ولازورديّةٍ أوفتْ بزرقتِها ... بينَ الرياضِ على زوقِ اليواقيتِ
كأنَّها بين طاقاتٍ ضعفنَ بها ... أوائلُ النارِ في أطرافِ كبريتِ
ابن الرومي:
اشرب على زهر البنفس ... ج قبل تأنيب الحسودِ
فكأنما أوراقهُ ... آثارُ قرصٍ في الخدودِ
السري الرفاء:
أما ترى الوردَ قد باحَ الربيعُ به ... من بعدِ ما مرَّ حولٌ وهو إضمارُ
وكانَ في خلعٍ خضرٍ قد خُلعتْ ... إلاّ عرًى أُغفلتْ منه وأزرارُ
وقال آخر في روضة وأحسن:
بكين فأضحكنَ الثرى عن زخارفٍ ... من الروضِ عنهنَّ الندى متهايلُ
ترى قضبَ الياقوتِ تحتَ زبرجدٍ ... تنوءُ به أعناقهنَّ الموائلُ
تلقحها الأنداءُ ليلًا بريقها ... فيصبحنَ أبكارًا وهنَّ حواملُ
ولأبي هلال في باقات الريحان:
وخضرٍ تجمعُ الأعجازَ منها ... مناطقُ مثل أطواقِ الحمامِ
لها حسنُ العوارضِ حين تبدو ... وفيها لينُ أعطافِ الغلامِ
وللسري الرفاء:
وبساط ريحان كماءِ زبرجد ... عبثتْ بصفحتهِ الجنوبُ فأرعدا
يشتاقه الشّرب الكرام فكلّما ... مرضَ النسيمُ سَعَوا إليه عوّدا
وقال أبو هلال:
لبس الماءُ والهواء صفاءَ ... واكتسى الروض بهجةً وبهاءَ
وتخالُ السماءَ بالليلِ أرضًا ... وترى الأرضَ بالنهارِ سماءَ
جلَّلتْها الأنوارُ زهرًا وصفرًا ... يوم ظلَّت تُنادم الأنواءَ
وترى السروَ كالمنابرِ تزهي ... وترى الطيرَ فوقها خطباءَ
وقال ابن طباطبا العلوي:
أوَما ترى الأيامَ كيف تتوَّجت ... وربيعها والٍ عليها قيِّمُ
حليت به الدنيا وكانت عاطلًا ... فقعودُها في كلّ فجّ ينظمُ
فانظر إلى زهر الرياضِ كأنَّه ... وشيٌ تنشره الأكفُّ منمنمُ
فالنور يهوى كالعقود تبددت ... والوردُ يخجلُ والأقاحي يبسمُ
ويكاد يضحي الدمع نرجسه إذا ... أضحى ويقطرُ من شقاشقه الدمُ
البشامي:
أما ترى الأرض قد أعطتك زهرتها ... بخضرةٍ واكتسى بالنورِ عاليها
فللسماء بكاءٌ في جوانبِها ... وللربيعِ ابتسامٌ في نواحيها
وقال ابن منير الطرابلسي:
اليوم قرّ وجيبُ الدجنِ مزرورُ ... والظلُّ منتظمٌ والطلُّ منثورُ
كأنّ ما اصفرَّ مهما احمرَّ ترقبه ... في محفل النور مخزونٌ ومسرورُ
كأنَّ أكمامه من تحتِ زاهرهِ ... في الدّوح ضدَّان مهتوكٌ ومستورُ
كأنَّ نّواره والريحُ تقذفهُ ... في الماءِ جيشانِ مخذولٌ ومنصورُ
كأنَّ أظلاله والشمس ينسخها ... عنه رداءان مطويّ ومنشورُ
كأنَّما الثلج والنارنج مرتديًا ... به مجامر نارٍ فوقها نورُ
عرسُ الربيع الذي فُضَّت دراهمه ... عليه وانتثرت فيه الدنانيرُ
فالجو والنورُ والوادي وتربته ... مسكٌ ووردٌ وديباجٌ وكافورُ
تهدي نوافحه ما في نوافجه ... فعيشه مطلق والهمُّ مأسورُ
1 / 83