الشىء قد يدركه الإنسان فيكون ملائما له فيصير مرادا ومشتاقا إليه. وقد يصدر عن الشىء فعل فيكون ذلك الصادر من مقتضى ذاته أى لا يكون صادرا عنه عن قسر ثم يكون ذلك الصادر محبوبا لأن ذلك الشىء محبوب ، وذلك كمن يحب إنسانا فيكون جميع أفعاله محبوبا أيضا ، وكما يحب كل إنسان فعل نفسه لان كل واحد يعشق ذاته فلا تكون محبته لأفعاله لأنه ملائم له بل لأنه فعله ولأنه صادر عن ذاته. ولعل كون أفعاله محبوبا إليه هو نفس صدورها عنه.
فعل كل واحد يكون محبوبا إليه لذيذا لديه وإن لم يكن بالحقيقة لذيذا.
** وجود البارى
عنه هى مجردة وهى معقولة لذواتها. وأنا إذا عقلت البارى فإنما أعقله بلوازمه ، ومن لوازمه وجود هذه الصور عنه فأنا أعقله مبدءا لهذه الصور وأعقله على ما عليه الأمر فى الوجود ، فتكون هذه المعقولية نفس الوجود. وإذا علمت أنه مبدأ لها فتحصيل ذلك أنه حصل فى ذهنى صورته صورة مجردة ووجدت فى ذهنى لوازمه مجردة : فنفس وجودها فى ذهنى نفس معقوليتها. فلو كانت موجودة فى الأعيان هذا الوجود لكان وجودها نفس معقوليتها.
المعقول من الشىء (19 ب) هو وجود مجرد من ذلك الشىء ، فإن كان وجود ذلك الشىء لك ، وذلك إذا كان ماديا كان معقولا لك ، وإن كان وجوده لذاته كان معقولا لذاته وذلك إذا كان مجردا. وإن كان وجوده فى الأعيان بهذه الصفة أى مجردا فهو معقول لذاته. فمعقولية الشىء هى بعينها وجوده المجرد عن المادة وعلائقها. فإذا وجد الشىء هذا النحو من الوجود فى الأعيان كان معقولا لذاته. وإن كان موجودا فى ذهنك كان معقولا لذهنك.
إذا كان الشىء موجودا فى الذهن ، ولم يكن فى الأعيان مجردا ، كان معقولا لى لا لذاته.
كون الأول مبدأ وعلمه بأنه مبدأ هو نفس وجود هذه الصور عنه. فوجود هذه الصور عنه هو علمه بأنه مبدؤها.
كونه موجودا وموجودا عنه هذه الصور هو علمه بأنه مبدأ لوجودها عنه ، وليس يحتاج إلى علم آخر يعلم به أنه مبدأ لوجودها عنه.
نحن نعقل الأول ونعقل أنه مبدأ للأشياء على وجه آخر ، وليس هو الأول بعينه كما أن تعقله لذاته وتعقله لأنه مبدأ لوجود الصور عنه هو بعينه وجودها. فإذن معلومنا
Halaman 60