لعلة وسبب غيره ، فلكونه هو بعينه ، أى لكون واجب الوجود هو سبب ، فهو معلول. وهذا كما يقال : إن كان كون الإنسان بذاته إنسانا وكونه هذا الشخص المعين ، واحد ، فمحال أن يكون غيره.
إن المعنى الواحد ، أى معنى كان ، لا يتكثر بذاته ، وإلا لم يوجد واحد منه ، لأن ذلك الواحد منه كان على طباع ذلك المتكثر ، فيكون هو أيضا متكثرا بذاته ، ويقتضى التكثر بذاته ، فهو مشارك للمعنى أيضا فى طباعه ، بل هو ذلك المعنى. مثلا البياض لو كان يتكثر بذاته فكل شخص من أشخاصه يقتضى التكثر ، إذ كل واحد يكون على طباع البياض ، ومشاركه فى معناه ، فلا سبب لتكثره غير معنى البياض ، فحقيقة كل شخص منها لا يخالف البياض المطلق ، وهو يقتضى التكثر بذاته ، فذلك الشخص أيضا يقتضى التكثر. وإذا لم يكن واحدا لم يكن كثرة أيضا. فإذا فرضنا المعنى الواحد يتكثر بذاته ، أبطلنا الكثرة ، لأنه واحد منه ، والكثرة تتركب من الواحد.
المعنى العام يقتضى التكثر بذاته من حيث هو عام ، والمعنى الواحد يقتضى التأحد بذاته ، ويكون تكثره بسبب. فإن كان تكثره بذاته كان له أشخاص ، وحقيقة كل شخص منها لا تخالف المعنى المتكثر بذاته ، فإن تكثر واجب الوجود ، وكان تكثره بذاته ، لم يكن واحد أصلا ، ولم تكن كثرة أيضا ، فنبطل أن يوجد الواحد من واجب الوجود ، فإذن لا يتكثر معنى واجب الوجود. وواجب الوجود شخصه فى ذاته لا يتشخص بغير ذاته.
واجب الوجود بذاته يقتضى بذاته أن يكون واحدا ، فلا يكون قابلا لكثرة أصلا ، إذ لا سبب له فى وجوده ولا فى صفاته ولا فى لوازمه ، فهو واجب من جميع جهاته.
تكثر المعنى الواحد يكون بسبب من خارج لا من ذاته.
إن كان واجب الوجود اثنين ، فكل واحد منهما إما أن يكون وجوب الوجود وهويته شيئا واحدا ، فيكون كل ما هو واجب الوجود هو بعينه ، وإن كان وجوب الوجود غير هويته ، لكنه يختص به ويقارنه ، فاختصاصه به إما لذاته أو لعلة. فإن كان لذاته ولأنه واجب الوجود ، كان كل ما هو واجب الوجود هو بعينه. وإن كان لسبب ، كان معلولا.
حقيقة الأول آنيته.
Halaman 184