قال: واعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض، فالأفعال أثقل من الأسماء، لأن الأسماء هي الأوَّلُ.
قال أبو علي: الأسماء هي الأوّل للأفعال لأنّها مأخوذة من نوع منها وهو المصدر، والدليل على أنها مأخوذة منه، أن الأفعال إذا صيغت للأبنية الثلاثة دلَّ كل بناء على حدثٍ مخصوص مع دلالته على الزمان، والمصدر قبل أن يُصاغ الفعل منه لا يَخُص حدثًا بعينه بل يَعُمُّ بالدلالة الأحداث الكائنة في جميع الأزمنة، وحكم الخاص أن يكون من العام، فحكم الفعل إذًا أن يكون من المصدر.
ومما يدل على أوَّلِيَّتها للأفعال، أنه لا يكون فعل إلا وله فاعل وكل ما وُجِدَ من الأفعال في اللغة وجد معه اسم، وليس كلما وجد اسم لَزِمَ أن يكون معه فعل، فقد عُلِمَ بهذه أوليته، وأنه أكثر منه في العدد وإذا كان أكثر منه في العدد كان أكثر منه في الاستعمال، وعلى الألسنة، وإذا كان أكثر كان أخف على الإنسان لأن النطق به أوسع، والمتكلم به أدْرَب، وهو عليه أسهل، وإنما تكون الدُّرْبَة بحسب كثرة العادة، وهذا موجود في العادات وبين أهل اللغات، ألا ترى أن المتكلِّمَ
1 / 43