المراسيل فإنها مع كونها حجة عنده بلا شرط، وعند من وافقه من الأئمة على الإحتجاج بالمرسل، فهي أيضا حجة عندنا، لأن المرسل عندنا حجة إذا اعتضد، وما من مرسل في الموطّأ إلا وله عاضد أو عواضد، فالصواب إطلاق أن الموطّأ صحيح كله، لا يستثنى منه شيء، وقد صنف ابن عبد البر كتابًا في وصل ما في الموطّأ من المرسل والمنقطع والمعضل، قال: وجميع ما فيه من قوله: بلغني، ومن قوله: عن الثقة عنده، مما لم يسنده: أحد وستون حديثًا كلها مسندة، من غير طريق مالك إلا أربع لا تعرف: أحدها: حديث إنِّي لأَنسى أَو أُنَسَّى لأَسُنَّ (وفي الأصل: "لا أنسى ولكن أنسى"، وهو تحريف؛ وأخرجه مالك في كتاب السهو: ١/١٠٠)، والثاني أن النبي ﷺ أُري أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر، والثالث: قول معاذ آخر ما أوصاني به رسول الله ﷺ وقد وضعت رجلي في الغرزان، قال: حسّن خلقك للناس، والرابع: إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة. انتهى.
وفي "سير النبلاء" للذهبي (هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان التركماني الدمشقي المتوفي سنة ٧٤٨ هـ (ش» في ترجمة الشيخ أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح الشهير بابن حزم الظاهري الأندلسي القرطبي (سِيَر أعلام النبلاء: ١٨/١٨٤) المتوفى في شعبان سنة ٤٥٦ هـ ست وخمسين بعد أربعمائة بعد ما ذكر مناقبة ومعائبة: وإني أنا أميل إلى محبة أبي محمد لمحبته بالحديث الصحيح، ومعرفة به، وإن كنت لا أوافقه في كثير مما يقوله في الرجال والعلل والمسائل البشعة في الأصول والفروع، وأقطع بخطئه في غير مسألة، ولكن لا أكفره، ولا أضلله، وأرجو له العفو والمسامحة، وأخضع لفرط ذكائه وسعة علمه، ورأيته ذكر قول من يقول: أجل المصنفات الموطّأ، فقال: بل أولى الكتب بالتعظيم صحيحا البخاري ومسلم، وصحيح ابن السكن، ومنتقى ابن الجارود، والمنتقى لقاسم ابن أصبغ، ثم بعدها كتاب أبي داود، وكتاب النسائي، ومصنف القاسم بن
1 / 75