وفي (تنوير الحوالك على الموطأ مالك للسيوطي) (١/٤ - ٥): أخرج الهروي في "ذمم الكلام" من طريق الزهري، قال: أخبرني عروة ابن الزبير أن عمر ابن الخطاب أراد أن يكتب السنن، واستشار فيها أصحاب رسول الله، فأشار إليه عامتهم بذلك. فلبث عمر شهرًا يستخير الله في ذلك شاكًا فيه، ثم أصبح يومًا وقد عزم الله له، فقال: إني كنت ذكرت لكم في كتاب السنن ما قد علمتم، ثم تذكرت، فإذا أناس من أهل الكتاب من قبلكم قد كتبوا مع كتاب الله كتبًا، فأكبّوا عليها، وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء، فترك كتاب السنن. وقال ابن سعد في "الطبقات": أخبرنا قبيصة بن عقبة، أنا؟؟ سفيان، عن معمر، عن الزهري، قال: أراد عمر أن يكتب السنن، فاستخار الله شهرًا، ثم أصبح وقد عزم له، فقال: ذكرت قومًا كتبوا كتابا فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله، وأخرج الهروي من طريق يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينار، قال: لم يكن الصحابة ولا التابعون يكتبون الحديث، إنما كانوا يؤدونها لفظًا، ويأخذونها حفظًا إلا كتاب الصدقات، والشيء اليسير الذي يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء حتى خيف عليه الدروس، وأسرع في العلماء الموت، فأمر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أبي بكر الحزمي فيما كتب إليه أن انظر ما كان من سنة أو حديث عمر فاكتبه. وقال مالك في "الموطأ" برواية محمد بن الحسن عن يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العزيز كتب إلى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم أن انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ أو سنته (في الأصل: "سنة"، وهو تحريف) أَوْ نَحْوِ هَذَا فَاكْتُبْهُ لِي، فَإِنِّي قَدْ خفت دروس العلم وذهاب العلماء، علَّقه البخاري في صحيحه، وأخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" بلفظ: كتب عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق: انظروا حديث (في الأصل: "أحاديث"، وهو تحريف) رسول الله فاجمعوه، واخرج ابن عبد البر في "التمهيد" من طريق ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: كان عمر بن عبد العزيز يكتب الى الأمصار يعلمهم الفقه والسنن، وكتب الى المدينة يسالهم عما مضى، وأن يعلموا بما عندهم، ويكتب الى ابي بكر بن حزم أن يجمع السنن، ويكتب إليه بها، فتوفي عمر، وقد كتب ابن حزم كتابا قبل أن يبعث بها إليه. انتهى.
1 / 69