في الفروع الفقهية المأخوذة من اختلافات الصحابة والروايات النبوية ليس فيها تفسيق ولا تضليل، ومن نطق بذلك فهو أحقّ بالتضليل.
وثالثها: أني أسندتُ البلاغات والأحاديث المرسلة وشيّدت الموقوفة بالمرفوعة.
ورابعها: أني أكثرت من ذكر مذاهب الصحابة والتابعين ومَن بعدَهم من الأئمة المجتهدين والمعتَبرين ليتنبه الهائم ويتيقّظ النائم، ويعلم أن اختلاف الأئمة رحمة، وأن لكل منهم قدوة.
وخامسها: أني ذكرت تراجم الرواة وأحوالهم وما يتعلق بتوثيقهم وتضعيفهم من دون عصبيَّة مذهبية وحميَّة جاهلية، وربما تجد فيه تكرارًا لا يخلو عن الإفادة، فإن الإعادة لا يخلو عن ذكر اختلاف أو زيادة.
وسادسها: أني قد وجدت نسخ الموطأ مختلفة كثيرة الاختلاف، فذكرت اختلافها، وبينت الغير (هكذا جاء في الأصل، وهو استعمال خاطئ وغلط شائع، لما جمع فيه من إدخال "أل" على "غير" مع الإضافة إلى ما فيه "أل"، وصوابه أن يقال "غير الصحيح")، الصحيح والصحيح منها من دون اعتساف.
وسابعها: أني نبَّهت على السهو والزلاَّت التي صدرت من عليٍّ القاريّ في "شرحه" في شرح المقصود أو تنقيد الرواة خوفًا من أن ينظره أحد ممن ليس له حظ في هذه الفنون، فيقع في الخطأ وسيء الظنون، لا تحقيرًا لشأنه وكشفًا لنسيانه، فإني من بحار علمه مغترِف وبفضله معترِف، والمتأخر وإن كان علمه أوسع وكلامه أنفع إلاَّ أن الفضل للمتقدم والشرف للأقدم.
هذا، وأسأل الله تعالى خاشعًا متضرِّعًا أن يتقبَّل منِّي هذا التأليف وسائر تأليفاتي، ويجعلها خالصة لوجهه وذريعة لإقبال نبيه وسببًا لنجاتي، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وكان ذلك حين كنت مغبوطًا بين الأقران والأماثل ومحسودًا للأماجد والأفاضل بالمنن الفائضة عليّ، والإنعامات الواصلة إليّ من حضرة من هو قمر أقمار الوزارة، نور حديقة الرئاسة، سحاب ماطر الإنعام والإحسان، بحرُ زاخر الإكرام والامتنان، سدّته الرفيعة ملجأ للأماجد والأفاضل،
1 / 62