والأذكار المأثورة، لا بالأدوية المعمولة، فاشتغلت بإتمامه مع زيادات لطيفة فيما أسلفته، فجاء بفضل الله وعونه بحيث تنشرح به صدور الأفاضل، وتنشط به آذان الأماثل، وأرجو من إخوان الصفا وخِلاّن الوفا أن يطالعوه بنظر الإنصاف، لا بنظر الاعتساف، ويصلحوا ما وقع فيه من الخطأ والخلل، وما أبرِّئ نفسي من السهو والزلل، فإن البراء من كلِّ خطأ ليس من شأن البشر، إنما هو شأن خالق القوى والقَدَر، وأستغفر الله من زلّة القَدَم وطغيان القلم، مما علمتُ وما لم أعلم، ورحم الله امرءًا أصلح السهو والنسيان أو دعاني بخير الدنيا والآخرة بحضرة المَلِك المنَّان، وقد جنحتُ في هذا التعليق إلى أمور يُحسنها أرباب الشعور:
أحدها: أني لم أُبال بتكرار بعض المطالب المفيدة في المواضع المتفرقة ظنًا مني أن الإعادة لا تخلو عن الإفادة، مع أني كلما أعدت أمرًا ذكرتُهُ لم أجعله خاليًا عن أمرٍ مفيدٍ زدته.
وثانيها: أني التزمتُ بذكر مذاهب الأئمة المختلفة مع الإشارة إلى دلائلها بقدر الضرورة وترجيح بعض على بعض، ولعمري إنها طريقة حسنة، قلَّ من يسلكها في زماننا، وإلى الله المشتكى من عادات جهلاء بلادنا، بل من صنيع كثير من فُضَلاء أعصارنا، حيث يظن بعضهم أن المذهب الذي تمذهب به مرجَّح في جميع الفروع، وأن كل مسألة منه بريئة عن الجروح، وبعضهم يسعى في هَدم بنيان المذاهب المشهورة، وينطق بكلمات التحقير في حق الأئمة المتبوعة، وأبرأ إلى الله من هؤلاء وهؤلاء، ضلَّ أحدهما بالتقليد الجامد، وثانيهما بالظن الفاسد والوهم الكاسد، يتنازعون فيما لا ينفعهم بل يضرّهم، ويبحثون في ما لا يعنيهم، وينادي منادي كلٍّ منهما في حق آخرهما بالتكفير والتضليل والتفسيق والتجهيل، ومع ذلك يحسبون أنهم يحسنون ﴿وسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ (سورة الشعراء: آية ٢٢٧) ﴿إنَّما أَمرُهُم إلَى اللَّه ثُمَّ يُنَبِّئُهم بِما كانُوا يَفْعَلونَ﴾ (سورة الأنعام: آية ١٥٩)، ولعلمي أنّ (في الأصل: "هذه الاختلافات" بدون "أن") هذه الاختلافات الواقعة بين الأئمة
1 / 61