لأحمد: كيف لم تكتب عنه؟ قال: كان يكتب الشروط، من كتبها لم يَخْلُ أن يكذب".
قلتُ: انظر ترجمته في "تذكرة الحفاظ" (٣٧٧: ١)، و"تهذيب التهذيب" (٢٣٨: ١٠ - ٢٤٠)، وفي آخر ترجمته فيه: "قال أحمد بن حنبل: مُعلَّى بن منصور من كبار أصحاب أبي يوسف ومحمد، ومن ثقاتهم في النقل والرواية". أنتهى. فيكون أحمد ترك الكتابة عنه من أجل الرأي فقط.
وقد كثر هذا النبذُ لأهل الرأي، والنَّبذُ لروايات كثيرٍ منهم، حتى أثار مثل الإمام أبي الوفاء بن عقيل الحنبلي وغيره من أئمة الحنابلة، أن يُتكلَّم بسبب هذا القول فيهم، أو بأويله على وجه محتمل، جاء في "مسودة آل تيمية في أصول الفقه" ص ٢٦٥: "وقال والد شيخنا في قول أحمد: (لا يُروَى عن أهل الرأي)، تكلَّم عليه ابن عقيل بكلام كثير، قال في رواية عبد الله: (أصحابُ الرأي لا يُروى عنهم الحديث)، قال القاضي - أبو يعلى -: وهذا محمول على أهل الرأي من المتكلمين كالقدرية ونحوهم.
قلتُ - القائل الشيخ ابن تيمية -: ليس كذلك بل نصوصُه في ذلك كثيرة، وهو ما ذكرتُه في (المبتدع) (ص ٢٦٤ في "المسودة")، أنه نوع من الهجرة، فإنه قد صرَّح بتوثيق بعض من تَرَك الرواية عنه كأبي يوسف ونحوه، ولذلك لم يُرْوَ لهم في الأمَّهات كالصحيحين". انتهى.
ظلم جملة من المحدثين لأبي يوسف ومحمد الفقيهين المحدثين:
- قال العلاّمة الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله تعالى، في كتابه: "الجرح والتعديل" (ص ٢٤): وقد تجافى أرباب الصحاح الرواية عن أهل الرأي، فلا تكاد تجد اسمًا لهم في سند من كتب الصحاح أو المسانيد أو السنن، كالإمام أبي يوسف والإمام محمد بن الحسن، فقد ليّنهما أهل الحديث! كما ترى في "ميزان الاعتدال"! ولعمري لم ينصفوهما وهما البحران الزاخران، وآثارهما تشهد بسعة علمهما وتبحرهما، بل بتقدمهما على كثير من الحفاظ، وناهيك كتاب "الخراج" لأبي يوسف، و"موطأ" الإمام محمد.
1 / 36