سعيد، وروايةُ أبي مصعب الزهري في ظاهرية دمشق. وأطرافُ الموطأ للداني في مكتبة الكبريلي في الآستانة.
وطالبُ الحديث إذا عُني بادئَ ذي بدء بمدارسة أحوال رجال الموطأ، فاحصًا عن الأسانيد والمتون فيه، تدرَّجَ - عن دوقٍ وخبرة - في مدارج معرفة الحديثِ والفقه في آن واحد بتوفيقِ الله سبحانه، فيصبحُ على نور من ربه في باقي بحوثه في الحديث، راقيًا على مَرَاقي الاعتلاءِ في العلم نافعًا بعلمة منتفِعًا به، واللهُ سبحانه وليُّ التسديد".
كلمات في ترجمة محمد بن الحسن راوي الموطأ وكلمات في العمل بالرأي الذي يُغمَزُ به:
سيظهر للمطالع من قراءة هذا الموطأ وفرةُ شيوخ الإمام محمد بن الحسن ومكانته في الحديث، إلى جانب مكانته في الفقه والاجتهاد، فقد ظلمه جملةُ من المحدِّثين ظلمًا شديدًا، لما كان عليه من الاجتهاد والعمل بالرأي، والرأيُ عند الكثير منهم أو أكثرهم من خوارم الثقة بالراوي يذكرونه في ترجمة الراوي في جملة المغامز له ولو كان إماما ثقة كل الثقة في الحديث! مع أنه لا فقه بلا رأي، ولا أحد من الأئمة المتبوعين والمعتبرين لم يعمل بالرأي، فهم في نقد الراوي الذي لديه رأي يمشون على طريقة من لم يكن مثلَنا، فهو خصمٌ لنا، إنا لله!
فأذكُرُ هنا جُملًا يسيرة أقطِفها من ترجمة الإمام محمد بن الحسن، في "الجزء" المطبوع مع جزء "مناقب أبي حنيفة وصاحبيه أبي يوسف ومحمد بن الحسن" للحافظ الذهبي (ص ٧٩، ٨٠، ٨١، ٨٢، ٨٤، ٩٣، ٩٤، من الطبعة الثالثة في بيروت سنة ١٤٠٨)، للتعريف بَطَرَفٍ من سيرة هذا الإمام الجليل.
"انتهًتْ إليه رياسةُ الفقه بالعراق بعدَ أبي يوسف، وتفقَّهَ به أئمة، وصنَّف التصانيف، وكان من أذكياء العالم. وُلِّي قضاءَ القُضاة للرشيد، ونال من الجاه والحِشمة ما لا مزيد عليه. احتَجَّ به الشافعي في الحديث، يُحكَى عنه ذكاءٌ مفرط، وعقلٌ تام، وسُؤْدُد، وكثرةُ تلاوة
1 / 31