ومذهب شيخة الإمام أبي حنيفة، أو مذهب شيخِهِ الإمام مالك، ويُبَيِّنُ أحوالَ المسألة وأحكامَها، كما في الباب ١٨ (باب الوضوء من الرٌّعَاف) . وقد يسوقُ تأييدًا لما ذهب إليه مخالفًا جملةَ أحاديث في الباب - عن غير مالك - عن أبي حنيفة وغيره.
وذكر في بعض الأبواب ١٦ ستة عشر حديثًا من غير طريق مالك، كما في الباب ٥ (باب الوضوء من مَسِّ الذكر)، تأييدًا لمذهبه من عدم نقض الوضوء بمَسِّه. وهذا عدد كبيرٌ جدًا في الباب.
وقد يورد في بعض الأبواب - لتأييد مذهبه - ستةَ أحاديث أو سبعةَ أحاديث أو أكثَر أو أقل، من غير طريق مالك أيضًا، كما تراه في الباب ١٧ (باب الاغتسال يوم الجمعة)، وهذا عددٌ كبير في الباب أيضًا.
ولكثرة ما رواه من الأحاديث فيه، من غير طريق مالك، ولكثرة ماذكره فيه أيضًا من اجتهادِه وفقهِهِ، وفقهِ أبي حنيفة وغيره في كل باب تقرييًا ومذاهبِ بعض الصحابة في بعض الأبواب، اشتَهَر هذا الكتاب باسم (موطأ الإمام محمد) .
ولا غرابة في ذلك، إذ لم يكن (موطأ محمد) مجرَّدَ كتاب يُروَى بحروفه، كما سَمِعَهُ راويه من مؤلفه دون زيادة أو تعليق أو استدراك، بل هو كتاب فيه فقهُ الإمام محمد، وفقهُ شيخه الإمام أبي حنيفة، وفقهُ عامَّةِ أصحابنا الحنفية قبلَ الإمام محمد، ومذاهبُ بعض الصحابة، ومناقَشَتُهُ أيضًا لما ذهب إليه مالك أو غيرُه.
فهو مدوَّنَةٌ من فقهِ أهل الحديث والاجتهاد والرأي، في الحجاز والعراق، مع الموازنة بين تلك الآراء والمذاهب في المسألة.
وهذه ميزة غالية جدًا عند من يدركها ويعرفُ قيمتها، فلا غرابة أن يُضاف (الموطأ) هذا، إلى روايه، لأنه من طريقه يُروَى، ولأنه أضافَ إليه أحاديث كثيرة، وأدخل فيه علمًا زائدًا غيرَ قليل، يتصل بفقه الحديث، وأحكامِ الباب، ومقابلة الاجتهاد بمثله.
كلمةٌ عن روايات الموطأ عن مالك:
- قال شيخنا العلاَّمة الكوثري رحمه الله تعالى، في المقدمة التي كتبها لجزء الحافظ الدارقطني المسمّى: "أحاديثُ الموطأ واتفاقُ الرواة عن مالك، واختلافُهم فيها زيادةً ونقصًا"، ما يلي:
1 / 27