كتب الحديث وروايته، لا يصيرُ بها الرجل فقيهًا، إنما يتفقه باستنباط معانيه، وإنعام التفكر فيه" وساق الشواهد الكثيرة الناطقة، على ذلك.
فكتاب "الموطأ" تأليفُ محدث فقيه، وإمام مجتهد بارع كبير تميز بمزايا لا توجد في سواه من الكتب المصنفة في الحديث الشريف.
مزايا "الموطأ":
- لكتاب "الموطأ" مزايا كثيرة تميز بها عن سواه من كتب الحديث الشريف، أتعرض هنا إلى جملة منها باختصار:
فمزية"الموطأ"
أولًا: أنه تأليفُ إمام فقيه محدث مجتهد متقدم كبير متبوع شهد له أئمة عصره ومن بعدهم بالإمامة في الفقه والحديث دون منازع. روى الحافظ ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (١/١: ٢٥) "عن علي بن المديني قال: كان حديث الفقهاء أحبَّ إليهم من حديث المَشيَخَة".
وقال الإمام ابن تيمية في "منهاج السنَّة النبوية" (١١٥: ٤ من طبعة بولاق): "قال أحمد بن حنبل: معرفة الحديثِ والفقهِ فيه أحبُّ إليَّ من حفظِه. وقال علي بن المديني: أشرَفُ العلم الفقهُ في متون الأحاديث، ومعرفةُ أحوال الرواة". انتهى.
وفي "تدريب الراوي للحافظ السيوطي (ص ٨): "قال الأعمش: حديثٌ يتداوله الفقهاء خيرٌ من حديث يتداوله الشيوخ". وعقد الحافظ الرامَهرْمُزِي بابًا طويلًا في (فضل من جَمَع بين الرواية والدراية) (ص ٢٣٨ وما بعدها)، وعقد بعده الحافظ الخطيب البغدادي في آخر كتابه "الكفاية" (ص ٤٣٣): (بابَ القول في ترجيح الأخبار)، وذكر فيه ما يتصل بتفضيل حديث الفقيه على غيره.
ومزيتُهُ ثانيًا: أنه أطبق العلماء على الثناء عليه وتبجيله، وكثر كلامهم في مدحه
1 / 25