فهل رأيت في هؤلاء الأدعياء المدَّعين للاجتهاد، من يُنصف الواقع والحق، فيقولُ عن نفسِهِ فيما لا يُحسنه مثلَ هذا؟!
خلق الله للعلوم رجالًا * ورجالًا لنَفْشَةٍ ودَعَاوي!
وقال الحافظ الإمام أبو عًمَر بن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (١٦٠: ٢)، تعقيبًا على قول الإمام أحمد: "من أين يَعرفُ يحيى بنُ معين الشافعي؟! هو لا يعرف الشافعي ولا يعرف ما يقول الشافعي قال أبو عمر: صدق أحمد بن حنبل ﵀، إنَّ ابن معين لا يَعرفُ الشافعي. وقد حُكي عن ابن معين أنه سُئل عن مسألةٍ من التيمم، فلم يعرفها!
حدثنا عبدُ الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا ابن زهير، قال: سُئل يحيى بن معين وأنا حاضر، عن رجل خيَّر امرأتَه، فاختارت نفسَها؟ فقال: "سَلْ عن هذا أهلَ العلم". انتهى.
وجاء في "ذيل طبقات الحنابلة" للحافظ ابن رجب (١٣١: ١)، و"المنهج الأحمد" للعُلَيمي (٢٠٨: ٢)، في ترجمة (يحيى بن منده الأصبهاني): "قال فُوْرَان: ماتت امرأة لبعض أهل العلم، فجاء يحيى بن معين والدَّوْرَقي، فلم يجدوا امرأةً تغسِلُها إلاَّ امرأةً حائضًا، فجاء أحمد بن حنبل وهو جلوس، فقال: ما شأنكم؟ فقال أهلُ المرأة: ليس يجدُ غاسلةً إلاَّ امرأةً حائضًا، فقال أحمد بن حنبل: أليس تَرْوُون عن النبي ﷺ: "يا عائشة، ناولِيني الخمْرة، قالت: إني حائض، فقال: إنَّ حَيضَتَك ليست في يدكِ"، يجوزُ أن تغسِلَها، فخجلوا وبَقُوا! ". انتهى.
يُسر الرواية وصعوبة الفقه والاجتهاد:
- فلا شك في يُسر الرواية بالنظر لمن توجه للحفظِ والتحملِ والأداء، وآتاه الله حافظةً واعية، فلهذا كان المتأهلون للرواية أكثَرَ جدًا من المتأهلين للفقه والاجتهاد، روى الحافظ
1 / 23