فإن قلت: بعضهم عرف النحو بما يشمل فني الإعراب والتصريف فيقال: هو علم بأصول يعرف بها أحوال الألفاظ العربية إفرادا بحسب هيئاتها وما يعد من أحوال أبنيتها أو تركيبا بحسب ما يعرض لها من الأمور التي يؤدي بها أصل المعنى. وهذا الذي ينبغي أن يحمل كلام المصنف عليه؛ لأن كتابه مشتمل على القسمين، / وذلك ظاهر في أنه لم يرد بالنحو ما يقابل التصريف.
قلت: حمل كلامه على هذا لا يجدي نفعا:
أما أولا: فلأنه جعل التصريف علما مستقلا برأسه وعرفه فيما هو مذكور في محله من كتابه، فتعين أنه لم يرد بعلم النحو ما يشمل الفنين.
وأما ثانيا: فلأنه أدخل في كتابه هذا علم الخط (أيضا)، فإذا لا يندفع بذلك السؤال بأن كتابه هذا حاو لعلم النحو وغيره، فلم خصص النحو بالذكر؟ وإنما الذي ينبغي أن يحمل عليه أنه أراد بالنحو ما هو معروف في الاصطلاح المشهور كما تقدم. ويوجه تخصيصه له بالذكر دون التصرف والهجاء مع اشتمال تصنيفه على الجميع: بأنه ذكر معظم ما هو فيه وهو النحو بناء على أنه المقصود له بالذات وما عداه يسير بالنسبة إليه ومذكور بحسب التبعية له لغرض يتعلق بذلك عنده.
"جعلته"، أي أنشأته، بمعنى أردت إنشاءه لما سبق، "بعون الله"
1 / 46