Makanan di Dunia Lama
الطعام في العالم القديم
Genre-genre
لا مجال للعدل أو الرحمة أو المحبة بين الأسماك؛ إذ إن كل الأسماك السابحة يناصب بعضها بعضا أشد العداء.
وفي موضع لاحق (2، 642-648)، يقول عن أسماك «كيسترويس» أو البوري الرمادي إنها:
تتميز بألطف الطباع وأكثرها صلاحا؛ فأسماك البوري الرمادية الطيبة هي الوحيدة التي لا تؤذي أي أسماك من نوعها أو من أي نوع آخر، ولا تلمس بشفاهها أي طعام من اللحم ولا تشرب الدماء، بل تتغذى دون أذى، دون أن تتلوث بالدماء ودون أن تؤذي غيرها، فهي نوع نبيل. (ترجمه إلى الإنجليزية: ماير)
فما هي العلاقة التي يفترض أن تكون بين البشر والأسماك؛ أن نأكل الأسماك الفوضوية الجامحة أم الأسماك المسالمة الرقيقة؟ ظهرت محاولات كثيرة لتصنيف عالم الطبيعة وترتيبه، في كتابات أخرى غير الكتابات الخيالية؛ فقوائم أسماء الحيوانات والنباتات التي تظهر في كتاب أثينايوس تأتي أساسا من الأعمال الرائدة التي ألفها أرسطو عن علم الحيوان، والتي ألفها ثيوفراستوس عن النباتات. هذان البحثان معقدان من الناحية الفلسفية، ويطرحان مشكلات كبرى تتعلق بالتصنيف، ولكنهما يفردان مساحة للاهتمام بتناول الطعام، ويتضح ذلك في مناقشة أرسطو عن الجراد مثلا، أو في حديث ثيوفراستوس عن السيلفيوم.
وننتقل من علاقة البشر بالحيوانات والنباتات إلى النصوص القديمة التي تتناول موضوعات كبرى تتعلق بالطعام، وتتعلق هذه المشكلات أساسا بالمتعة والترف. ولكن، دعونا نتأمل أولا الصورة الكبيرة للعالم الإغريقي الروماني أو العالم «المتحضر».
كانت ثمة رؤية للعالم تشغل تفكير المؤلفين اللذين يسهمان بالكثير في هذا الكتاب، وهما جالينوس وأثينايوس. يساعد جالينوس في بحثه المعنون ب «عن المحافظة على الصحة» في معايشة أجواء العالم الإغريقي داخل الإمبراطورية الرومانية ونقل ذلك إلى قرائه. يقول عن الأطفال الألمان (1، 10) إنهم «يفتقرون إلى التربية الصالحة. ولكننا لا نكتب هذه الأشياء للألمان أو لغيرهم من الشعوب غير المتمدنة أو الهمجية؛ ولا نكتبها للدببة أو الخنازير أو الأسود أو لأي من الحيوانات الأخرى، بل نكتبها للإغريق ولمن ولدوا كأفراد من شعب همجي ولكن يتبعون التكوين الثقافي للإغريق». ولا يرى جالينوس الثقافة الإغريقية بصفتها ناديا مقصورا على أبنائه، ويعتنق التعقيدات الهائلة التي تتألف منها الإمبراطورية الرومانية التي يمكن استيعاب الناس تحت لوائها؛ ويمكن توضيح هذه الفكرة في موضع لاحق في البحث نفسه حين يتحدث جالينوس عن النبيذ (5، 5). ويشمل عالم جالينوس أنواع الخمور الإيطالية الرفيعة مثل فالرنيان، والأنواع الإغريقية المفضلة مثل نبيذ ليسبوس، والخمور المصنوعة في موطنه في آسيا الصغرى مثل ميسيا وبيثنيا، ويذكر أيضا الخمور الصقلية والغلاطية. وبخصوص الرجال المتقدمين في السن الذين يعانون من اضطرابات الكلى، سيكون من المناسب استخدام إضافات من حشيشة الجراح (أو بطونيقا اشتقاقا من اسمه بالإنجليزية
Betony )، أو العشب السلتي «كيسترون»، أو الناردين أو الفلفل (وكلاهما من آسيا).
تشمل المصطلحات الجغرافية المرجعية التي يستخدمها جالينوس الإمبراطورية الرومانية بأسرها ومناطق خارجها. وهذه السمة واضحة أيضا في بحث «عن قوى الأطعمة»، الذي يتحدث فيه جالينوس عن مجموعة أطعمة تتراوح بين الأرنب الإسباني والفستق السوري، وبين الجاودار التراقي والجمل الإسكندري. ويكتمل ذلك النطاق المكاني أيضا بنطاق اجتماعي نادرا ما يتحقق في أعمال المؤلفين القدماء. وفي سياق مناقشة جالينوس لأنواع القمح المقشور («عن قوى الأطعمة» 1، 2)، يتحدث عن جماعتين من الناس؛ ريفيين في أيام عيد ورياضيين، وتختلف كلتا الجماعتين عنا «نحن»، ويقصد ب «نحن» صفوة المؤلفين والذين من المفترض أنهم يقرءون هذا البحث. يضيف الريفيون كما رأينا في الفصل الثاني الجبن إلى الخبز في أيام الأعياد والاحتفالات، وهذه التوليفة تلحق الضرر حتى بأقوى بنية. ويضرب مثلا بالحصادين وحفاري المصارف؛ إذ ينظر إليهم بصفتهم أكثر قدرة على هضم الخبز غير المختمر مقارنة بالرياضيين، وهم الأقوياء النموذجيون في المخيلة القديمة. ويشرح جالينوس أن الكدح والعمل الشاق يجعلان الريفيين يشعرون بالجوع الشديد إلى حد يجعل معدتهم تحتجز الطعام غير مكتمل الهضم؛ «وهذا هو السبب في أن هؤلاء يتعرضون فيما بعد لأمراض مزعجة للغاية، ويموتون قبل أن يبلغوا الشيخوخة. ومعظم الناس الذين يرونهم يأكلون ويهضمون ما لا يستطيع أحد منا هضمه، يهنئونهم على قوة أجسامهم، جهلا منهم بهذه المعلومة» (ترجمه إلى الإنجليزية: باول). الريفيون والرياضيون ونحن، نلاحظ أن جالينوس - الطبيب الذي عاش في عهد الإمبراطورية، والذي حضر مباريات المصارعين، وحضر الحملات العسكرية التي قادها الإمبراطور - يطوف بمجالات متنوعة حتى يصل إلى رؤيته للعالم، ويتجول أيضا بين الكتب الدراسية في مجال الطب وكذلك في الأعمال الأدبية؛ إذ لا يعتمد فقط على أبقراط والمؤلفين المتخصصين في مجال الطب وغيرهم من المؤلفين المتخصصين في المجالات التقنية ذات الصلة مثل ديسقوريدوس، بل يعتمد كذلك على أفلاطون وأرسطو وأريستوفان؛ ومن ثم، يتحدث جالينوس في البحث القصير المعنون ب «عن العادات» («بيري إيثون ») عن نصائح مأخوذة من كتاب «طيمايوس» لأفلاطون، وكذلك عن مبادئ أبقراط والطبيب الهلنستي إراسيساتراتوس؛ إذن، تأثر الأطباء بالفلسفة وتأثر الفلاسفة بالطب؛ فرأينا اهتمام أفلاطون بجسم الإنسان في كتاب «طيمايوس» كما سبق، وفي كتاب «الجمهورية» يعتمد على أفكار مأخوذة من أبقراط وعلى نظام غذائي اقترحته شخصية غامضة نوعا ما، وهو هيروديكوس السيليمبري.
وتشمل هذه الرؤية - التي جمعها جالينوس في مجموعة من الأبحاث - عالم الطبيعة والعالم المتحضر، وتشمل الكون والحضارة. وسبق أن شرح الكثيرون ممن سبقوا جالينوس عالم الطبيعة وعالم الأخلاق وعلاقتهما بالطعام، وهذه المعتقدات والتفسيرات عن الظواهر الطبيعية هي موضوع هذا الفصل.
وتتكرر على مدى قسم كبير من الفكر القديم المتعلق بالطعام فكرة قوية قائمة على التناقض، بين الكفاية والإسراف، وبين البساطة والتعقيد، وبين النفع والمتعة. وسنرى أصداء هذه الفكرة في الفصل التاسع الذي يتناول الأدب، وسنعود في مواضع أخرى من الكتاب إلى الفكرة القوية المتعلقة بالإسراف الذي ينبغي كبحه. كان الكثيرون في العصور القديمة يعتقدون أن البشر خاضعون لرغبات في مجالات معينة تتعلق باحتياجات الإنسان الأساسية من الطعام والتكاثر والملبس، وظهرت أنظمة فكرية منظمة لتعريف هذه الاحتياجات وتحديدها، وكثيرا ما كان يعتقد أن الترف يكمن في فئات معينة من البشر، خصوصا من ينتمون إلى ثقافات أخرى والنساء والعبيد والرجال ممن ينحرفون عن قواعد السلوك التقليدية. وتشيع هذه الأفكار في الكثير من المصادر المختلفة، خصوصا تلك التي تقارن المعتقدات التقليدية بالتأثيرات الخارجية؛ ومن ثم، سنرى فيما يأتي تعليقات كاتو الأكبر عن التأثير الإغريقي في إيطاليا في القرن الثاني قبل الميلاد، وتعليقات إغريقية مماثلة عن تأثيرات الفرس على اليونان في تاريخ سابق لتلك الفترة، وسنرى أيضا تعليق سينيكا على تبذير علية القوم من الرومان في القرن الأول الميلادي. وجزء كبير من هذا الجدل بدأه أفلاطون من خلال سلسلة من المناقشات التي تدور حول مسألة الرغبة هذه .
Halaman tidak diketahui